توقعت الأمم المتحدة أن يكون شهر يوليو أكثر الشهور المسجَّلة سخونةً، وهذا يعني أننا نشهد تغيراً جدياً على كوكب الأرض يمثل تحدياً لجميع دول العالم، حيث أن التغير المناخي لم يعد مثار جدال ونقاش حول حقيقته ومدى تأثيره، بل أصبح أمراً واقعاً يجب التفاعل معه والتصرف بسرعة ودون تأخير، بشكل جماعي دون استثناء أي دولة، فالخطر سيكون محدقاً بالجميع.. ذلك أن ما حدث من ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة حول العالَم رافقته حرائقٌ ضخمةٌ في العديد من البلدان، خرج بعضُها عن السيطرة، وأهلك هكتاراتٍ واسعةً من الثروة النباتية، وتم إجلاء آلاف السكان، مما أدى إلى كوارث وخسائر جسيمة.

بعض العلماء يعتقدون أن الاحتباس الحراري أدى إلى ارتفاع درجات الحرارة، وأن المسؤولية تقع على عاتق البشر وحدهم، بسبب دورهم في التغير المناخي والإضرار بكوكب الأرض، وعدم الجدية في التعامل مع أزمة المناخ خلال السنوات الماضية. ورغم التحذيرات المتتالية فقد ظلت بعض الدول تتعاطى معها على أنه مبالَغ فيها، لكن ما نراه الآن من تضرر الغطاء النباتي والحيواني وجفاف المياه وتضرر البيئة البحرية.. هو نتيجة حتمية لارتفاع درجات الحرارة وتغير المناخ بسبب الانبعاثات الناتجة عن أنشطة وممارسات البشر.

وهنا نتحدث عن الكربون الذي يجب حبسه وليس إطلاقه في الأجواء، فتخيل أن قطع الأشجار يؤدي إلى إطلاق الكربون المخزن فيها، وهذا ما يقوم به الإنسان حين يدمر ويقطع آلاف الهكتارات من الغابات التي تعمل على امتصاص ثاني أكسيد الكربون وتخفيف الآثار المترتبة على التلوث.

وإلى جانب الكربون هناك أيضاً غاز الميثان الذي يعد الأخطر على المناخ، حيث يؤثر الميثان الذي تطلقه المواشي على الغلاف الجوي، وهو من الغازات الدفيئة التي تساهم في الاحتباس الحراري وأثره يبقى لسنوات طويلة. وليست الحيوانات وحدها المسؤولة عن غاز الميثان، بل هناك مصادر عدة أخرى لهذا الغاز.

والإمارات واحدةٌ من أقل الدول إطلاقاً لهذا الغاز، وهي عضو في التعهد العالمي للميثان، وقد خفضت مستويات حرق الغاز الطبيعي بنسبة عالية جداً، لتكون عضواً فاعلاً في الحد من أثر الغازات الدفيئة على طبقات الجو.الإمارات رائدةٌ في مجال العمل على كبح جماح التغير المناخي، ولديها وزارة التغير المناخي والبيئة، المعنية باستراتيجية التحول نحو الاقتصاد الأخضر وتحقيق الاستدامة والحد من تداعيات التغير المناخي. كما ستستضيف دولة الإمارات مؤتمر الأطراف للتغير المناخي «كوب 28»، وهو أكبر وأهم مؤتمر مناخي في العالم، يشارك فيه قادةُ الدول والحكومات بهدف خفض الانبعاثات وكبح التغير المناخي، حيث تعول الإمارات على أن يكون هذا المؤتمر مساحة لجمع دول العالم على قرارات مشتركة تسهم في إجراءات حاسمة لحماية المناخ وفي تنفيذ القرارات عبر آليات المتابعة للتطبيق.

وقد سبق وأن أطلقت الإماراتُ مبادرة «الابتكار الزراعي للمناخ»، بالاشتراك مع الولايات المتحدة، وبعضوية 30 دولة، بهدف تطوير آليات زراعية وغذائية بقيمة 4 مليارات دولار، تضيف إليها الإماراتُ مليار دولار، بهدف تسريع الابتكار لدعم المناخ.

إن جدية دولة الإمارات في التعامل مع قضايا البيئة ليست بالأمر الجديد، بل ورثت ذلك عن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي عُرف بدوره الكبير في تعزيز العمل البيئي، وهو الذي قال: «نحن الذين نعيش الآن فوق هذه الأرض المباركة مسؤولون عن الاهتمام ببيئتنا وعن الحياة البرية، وواجب علينا الوفاء لأسلافنا وأحفادنا على حد سواء».

*كاتب إماراتي