اتخذت قمة «بريكس» الأخيرة قراراً بالغ الأهمية بتوسيع عضويتها بضم 6 دول للتجمع، هي إثيوبيا والأرجنتين والإمارات وإيران والسعودية ومصر. وهكذا ازداد عدد أعضائها بأكثر من الضعف، فقد كانت قبل هذا القرار تتكون من البرازيل وروسيا والهند والصين، باعتبارها الدول المؤسسة لهذا التجمع في عام 2009، قبل انضمام جنوب أفريقيا في السنة التالية، وبالتالي قفز عدد أعضائها من خمسة إلى 11عضواً.

وقد ثار جدل واسع حول هذا القرار قبل صدوره بالنظر للخلاف بين الأعضاء حول جدوى التوسيع وأسسه وتداعياته على التجمع الذي ينشد أعضاؤه أن يجعلوه آليةً فعالةً لتغيير بنية النظام الدولي باتجاه أكثر تعددية وعدلًا. وأتخير من هذا الجدل ثلاث قضايا أُعلِّق عليها بالملاحظات التالية.

الملاحظة الأولى تتعلق بتماسك بريكس، فقد كان ثمة رهان -وبالذات من الدوائر الغربية التي يتخوف بعضها على الأقل من تأثير بريكس على الهيمنة الغربية على النظام الدولي- على أن الخلاف بين الأعضاء حول جدوى توسيع العضوية ومعاييره إن اتُفق عليه سوف يُفضي لإجهاض الفكرة. لكن بريكس أثبتت بهذا القرار أن آلية العمل فيها قادرة على بناء توافقات حول أهم القضايا، ومن شأن هذه القدرة أن تجعلنا نتوقع استمرارَ امتداد عضوية بريكس لدول أخرى. لكن بعد تحليل نتائج قرار التوسيع الأخير والاستفادة من دروسه.

ولا ننسى أن الاتحاد الأوروبي بدأ بست دول في عام 1957 ووصل الآن إلى 27 دولة، ما يعني أن بريكس تسير بثقة نحو تحقيق هدفها الأصيل لتغيير بنية النظام الدولي. فقد قفز نصيبها من سكان العالم إلى النصف بعد أن كان 40٪؜، وأرقام المقارنات كثيرة، لكني أتوقف بالذات أمام نصيب المجموعة من إنتاج النفط الذي زاد عن الضعف بقرار التوسيع من 15.100 مليون برميل يومياً إلى 34.300 بما أوصل نصيب المجموعة من هذا الإنتاج إلى 37٪؜ تقريباً من الإنتاج العالمي، ولهذا دلالته الواضحة.

وتشير الملاحظة الثانية إلى أن نصف الأعضاء الجدد دول عربية، وهو ما يعني من ناحية تزايد الوزن الدولي للمجموعة العربية، ومن ناحية ثانية أهمية العامل الاقتصادي في معايير قبول الأعضاء الجدد، فهذه الدول الثلاث (السعودية والإمارات ومصر) هي صاحبة أكبر ثلاث اقتصادات عربية على التوالي. أما الملاحظة الثالثة فتخص الجدل الذي دار حول اختلاف مستويات النمو بين أعضاء بريكس بعد توسيع العضوية، وما إذا كان سوف يمثل مشكلةً للمجموعة أم لا.

ويسهل تبين وجود هذا الاختلاف حتى بين الأعضاء القدامى، لكن من الواضح أن كلّ عضو في المجموعة، بمن فيهم الأعضاء الجدد، يمتلك ميزة نوعية أو أكثر تمثل عنصرَ قوة اقتصادية وازنة، بينما قد لا تكون باقي العناصر على نفس الدرجة من القوة، لكن الكل يتميز بإمكانات واعدة، وقد تكون خبرة الوحدة الألمانية أو توسيع الاتحاد الأوروبي بعد انتهاء الحرب الباردة هي الأنسب في هذا الصدد، فلا شك في أن تباين المستويات بين الألمانيتين أو بين دول غرب أوروبا وشرقها كان واضحاً، لكن تبنّي الآليات السليمة للتكامل كفيل بالتدبير الآمن لهذه المسألة، مع التأكيد على أن التباين في مستويات التنمية والثراء الاقتصادي ومعدلات الفقر سيبقى قائماً، لكن ليس إلى الدرجة التي تَعوق العمليةَ التكاملية.

*أستاذ العلوم السياسية -جامعة القاهرة