لماذا عضوية بريكس؟!
قررت قمة مجموعة «بريكس» التي أقيمت الشهر الفائت في جوهانسبرغ زيادة عدد أعضائها كاملي العضوية من خمسة دول (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب أفريقيا) إلى 25 دولة، وذلك بضم 20 دولة جديدة إليها، وعليه سيكون شهر يناير 2024 موعد انضمام أول مجموعة من تلك الدول، وهي الإمارات، السعودية، مصر، إيران، إثيوبيا، والأرجنتين حسب ما أعلن رئيس جنوب أفريقيا «سيريل رامابوزا»، وهو ما يرفع من أهمية «بريكس» في مقابل الجناح الغربي.
قد يطرح البعض سؤالاً حول أهمية انضمام الإمارات لمجموعة «بريكس»، وما الذي يمكن أن تضيفه إليها تلك الخطوة لها، وهي التي وقعت خلال الفترة القليلة الماضية على عدد من الشراكات الإستراتيجية المهمة، ثم هل الإمارات بمقوماتها واقتصادها المتنوع وعلاقاتها السياسية مع دول كبرى بحاجة حقاً إلى بريكس؟
إن سعي الإمارات للانضمام إلى مجموعة «بريكس» -ولمن لا يعلم - يعكس اهتمامها بتمكين حضورها في الساحة الدولية، وبالتالي تأثيرها في صناعة القرار الدولي، وهي المعروفة بانفتاحها على مختلف الدول ورغبتها بمد جسور التعاون مع كل الدول بما يفيد أطراف العلاقة كلهم، مع حرصها على تكريس مبادئ الاحترام المتبادل بين الدول.
والقاصي والداتي يعلم أن التحالفات الاقتصادية تشكّل إحدى أهم التوجهات البارزة التي تهيمن على المشهد الراهن والمستقبلي بين الدول، والتي من شأنها أن تسهم وبقوة في استقرار ونمو الاقتصاد العالمي، وفي تنمية التجارة الدولية، وكذلك في تأمين سلاسل التوريد العالمية.
أما فيما يخص مجموعة «بريكس»، تلك التي باتت أحد أهم التكتلات الاقتصادية في العالم بعدما حققت نمواً ملحوظاً خلال السنوات الماضية، هي محط اهتمام أكثر من 40 دولة ترغب بالانضمام إليها، من بينها الإمارات، خصوصاً وأن دولها تمثل أكثر من 42% من سكان العالم بحسب بيانات الأمم المتحدة، وأكثر من 23% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وفق بيانات البنك الدولي.
وبالنظر إلى حجم تبادلات الإمارات التجارية غير النفطية مع دول المجموعة الخمس الأساسية - ممثلة بالبرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا - بلغ نحو 555 مليار درهم، أي ما يشكّل 25% من إجمالي تجارة الإمارات غير النفطية لعام 2022.
ومن هنا نرى أن انضمامها لهذا التحالف الاقتصادي أمر منطقي وضروري لها، ذلك أن سعي الإمارات بالانضمام إلى هذا التحالف يعتبر في جوهره محطة جديدة نحو تعزيز نهضتها ونجاحاتها وحضورها وشراكاتها وعلاقاتها الاقتصادية والتجارية والاستثمارية مع كيانات اقتصادية كبرى، وذلك بهدف تمكين اقتصادها غير النفطي، وفي سبيل بناء اقتصاد مستدام، إلى جانب استكشاف فرص استثمارية جديدة.
أما من جهة ترحيب دول المجموعة الخمس بأن تكون الإمارات إحدى دولها كاملة العضوية، فلا شك أنه يقوم على أساس ثقة تلك الدول - بالإضافة إلى مختلف دول العالم - باقتصاد الإمارات المتنوع القوي، إلى جانب حضورها الفاعل على المستويين الإقليمي والدولي، وقدرتها على المساهمة بإيجابية في بناء مستقبل أفضل للجميع.
إن الإمارات بتوجهها نحو هذه الخطوة تفتح آفاقاً تنموية إضافية ومتنوعة، خاصة أن دول «بريكس» اليوم، تلك التي تغرد خارج السرب الاقتصادي الغربي، تعتبر من أسرع اقتصادات العالم نمواً، وهو ما يسهم في خلق فرص استثمارية ضخمة من شأنها أن تحدث تحولاً ليس فقط على صعيد المشهد الاقتصادي فيما بين دول «بريكس» ذاتها، وإنما على الصعيد العالمي.
والحقيقة التي لا جدال فيها أن العالم يعيش مخاضَ تشكُّل نظام عالمي جديد، وبالتالي لا بد للدول من التفكير والعمل بجدية لمواكبة ما يحدث من تحولات عالمية.