تواصل دولة الإمارات إطلاق المشاريع الاستراتيجية التي تسطر المزيدَ من الإنجازات البيئية والاقتصادية والاجتماعية المتميزة، انطلاقًا من مبادئ وقناعات راسخة بشأن الأهمية الحاسمة للحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية ودعم أسس الاقتصاد الدائري وترسيخ التوجه نحو الاستدامة، حتى غدت الدولة رائدةً في عدد من مجالات الطاقة البديلة، أبرزها الطاقة الشمسية التي شهدت نقلات نوعية وكبيرة خلال السنوات القليلة الماضية.
وفي هذا السياق، جاء تدشين سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، نائب حاكم إمارة أبوظبي «محطة الظفرة للطاقة الشمسية الكهروضوئية»، التي تبلغ قدرتها الإنتاجية 2 جيجاواط، وتعد أكبر محطة طاقة شمسية في موقع واحد على مستوى العالم.
تقع محطة الظفرة للطاقة الشمسية، على بعد 35 كيلومتراً من مدينة أبوظبي، ويبرز دورها الحيوي وأهميتها الاستراتيجية في كونها تسهم في تزويد نحو 200 ألف منزل بالكهرباء، وتفادي إطلاق 2.4 مليون طن من الانبعاثات الكربونية سنوياً. وتضم المحطة قرابة 4 ملايين لوح شمسي ثنائي الوجه، وهي تقنية مبتكرة تتيح إنتاج طاقة كهربائية بكفاءة أكبر عبر التقاط الإشعاع الشمسي بواسطة وجهي الألواح الشمسية الأمامي والخلفي. 

وقد تم إنجاز مشروع هذه المحطة من قبل شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» إلى جانب شركة أبوظبي الوطنية للطاقة «طاقة»، وشركة «اي دي إف رينوبلز»، وشركة «جينكو باور»، بالتعاون مع شركة مياه وكهرباء الإمارات، ما يعكس هذا التعاون الكبير القائم بين مؤسساتنا الوطنية لدعم ركائز الاستدامة وأسس الاقتصاد الأخضر. 
وقال سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان في هذه المناسبة: «إن هذا المشروع الرائد الذي يأتي تدشينه مع قرب استضافتنا مؤتمر الأطراف COP28 نموذجٌ للمشاريع التي تُنفّذ وفقاً للاستراتيجيات الوطنية الهادفة إلى رفع حصة الطاقة النظيفة وخفض الانبعاثات ودعم المساعي العالمية لتحفيز العمل المناخي الفاعل، بما يخفّف من آثار تغير المناخ ويدعم عملية التنمية المستدامة الشاملة». 
وفي الواقع، فإن اهتمام دولة الإمارات بمشاريع الطاقة البديلة، وعلى وجه الخصوص الطاقة الشمسية، يُعد مؤشراً على إصرارها الكبير وجهودها المتواصلة في مجال تنويع مزيج الطاقة وتطوير حلول منخفضة وخالية من الانبعاثات، فمنذ عام 2009 شهدت مشاريع الطاقة البديلة الإماراتية نقلات نوعية كبيرة، بدأت مع تدشين شركة «مصدر» لعدد من المشاريع النوعية داخل الدولة وخارجها، كان من أحدثها محطة «شيراتا» للطاقة الشمسية العائمة في إندونيسيا، التي تعد الأكبر من نوعها في جنوب شرق آسيا، ومحطة «كاراداغ» للطاقة الشمسية الكهروضوئية في أذربيجان. وقد أصبحت مشاريع «مصدر» تنتشر في أكثر من 40 دولة في 6 قارات، وتخطط الشركة لزيادة القدرة الإنتاجية لمحفظة مشاريعها إلى 100 جيجاواط بحلول عام 2030، من خلال مشاريع قيد التطوير حالياً في أوروبا وأفريقيا وآسيا الوسطى والأميركيتين.
إن تدشين محطة الظفرة للطاقة الشمسية الكهروضوئية يأتي تماشياً مع توجيهات القيادة الرشيدة لتعزيز التعاون في نشر حلول الطاقة النظيفة ودعم قضايا العمل المناخي، وتطوير حلول منخفضة وخالية من الانبعاثات، كما أن هذا التطور يأتي مع اقتراب انطلاق مؤتمر الأطراف COP28، ليقدم نموذجاً على أهمية اتخاذ خطوات عملية تترجم أهداف اتفاق باريس إلى واقع ملموس.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية