فيما يعكس فعالية جهودها لتعزيز إمكاناتها للنمو وتطوير بيئة الأعمال وجذب الكفاءات للعيش على أرضها، حصدت دولة الإمارات المركز العاشر عالمياً بين 53 دولة كأفضل الوجهات للعيش والعمل بالنسبة للوافدين، استناداً إلى جهودها للارتقاء بجودة الحياة وفرص العمل، وذلك وفقاً لتقرير «إكسبات إنسايدر» الصادر عن «شبكة إنترنيشنز العالمية»، وهو أكبر استطلاع في العالم لآراء المغتربين، وشارك فيه أكثر من 12 ألف وافد من جميع أنحاء العالم بأفكارهم وخبراتهم عن العيش والعمل في الخارج.

وقد جاء رضاء المغتربين في دولة الإمارات مرتفعاً في 3 مؤشرات من أصل 5 مؤشرات رئيسية يغطيها التقرير، وهي أساسيات العيش لدى الوافدين، والتي احتلت فيها الدولة المركزَ الأول، كما احتلت المركزَ الثالث فيما يتعلق بجودة الحياة، والمركز السادس فيما يتعلق ببيئة العمل في الخارج. وعلى المستوى العالمي، جاءت بنما في المركز الأول عالمياً ضمن أفضل الوجهات للعمل والعيش، والمكسيك في المركز الثاني، تلتها كل من إندونيسيا وإسبانيا وكولومبيا وتايلاند والبرازيل وفيتنام والفلبين.

ومما لا شك فيه أن هذه المراتب المتقدمة التي تحتلها الإمارات، تعكس جهودَها المتواصلة لتعزيز تنافسيتها وجاذبيتها للاستثمار، إذ تعد من الوجهات الأكثر جذباً للكفاءات، مما يسهم في تعزيز مكانتها الاستثمارية. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن دولة الإمارات حصدت المركزَ السابعَ عالمياً في التقرير العالمي للتنافسية، الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية لعام 2024، وبذلك تقدمت 3 مراكز دولية، مقارنةً بترتيبها في المركز العاشر في عام 2023 والثاني عشر في عام 2022.

وفيما يعكس جودة بيئة الأعمال في الإمارات، فقد جاءت الدولة في المرتبة الأولى عالمياً في تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال لعام 2023/2024 الصادر عن الرابطة العالمية لبحوث ريادة الأعمال بكلية لندن للأعمال. ويحتضن «سوق أبوظبي العالمي» اليوم أكثر من 5 آلاف شركة، مقارنةً بنحو 46 شركة فقط في عام 2016، وتستهدف الدولة استثمارات بـ 160 مليار دولار في قطاعات صناعة الفضاء والغذاء والزراعة والرعاية الصحية والنقل والطاقة المتجددة، فضلاً عن الفرص الواعدة للصناعة الوطنية لجذب الاستثمارات في مجالات الطيران والنقل والخدمات اللوجستية والصناعات الغذائية والبتروكيميائية والتعدين.

وتتميز الإمارات باستقرار بيئتها الاقتصادية الكلية، إذ تشير توقُّعات صُندوق النقد الدولي إلى مُواصلة نُمو ناتجها المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 4% خلال عام 2024، بحيث يسهم الأداء القوي لقطاعات السياحة والبناء والتصنيع والخدمات المالية، بالإضافة للطلب الخارجي على العقارات، في تعزيز نموها الاقتصادي، مع استقرار معدل التضخم عند 2%، مما يعزز جاذبيتَها للاستثمار الأجنبي.

وتشير التقديرات، بحسب تقرير «هجرة الثروات الخاصة لعام 2024»، إلى تصدر الإمارات قائمةَ الدول الأكثر جذباً للأثرياء حول العالم في عام 2024، وذلك للعام الثالث على التوالي، حيث يُتوقع أن ينتقل إليها 6700 من الأثرياء حول العالم خلال العام الجاري.

هذه التطورات تعكس فعاليةَ جهود الدولة لتعزيز مكانتها الاقتصادية إقليمياً وعالمياً، وهنا تمكن الإشارة إلى تطور مهم يتمثل في إطلاق الحكومة برنامجَ تصفير البيروقراطية الحكومية عام 2023 بهدف تبسيط الإجراءات الحكومية وخفض نحو 50% من المدد الزمنية للإجراءات، فضلاً عن جهودها المتواصلة للتوسُّع في اتفاقياتها ضمن برنامجها للشراكات الاقتصادية الشاملة (يستهدف إبرام اتفاقيات مع 27 دولةً وتكتلاً اقتصادياً، بما يشمل 103 دول تمثل حصتُها 95% من التجارة العالمية)، وكذلك جهودها لتعزيز جودة الحياة في ضوء مستهدفات «الاستراتيجية الوطنية لجودة الحياة 2031»، إذ جاءت الإمارات في المركز الثاني إقليمياً والثاني والعشرين عالمياً في «تقرير السعادة العالمي» لعام 2024، وحلَّت أبوظبي ودبي في المراكز الأولى عربياً كأكثر المدن سعادةً.

إن جهود دولة الإمارات لتعزيز نموذجها الاقتصادي، هي ترسيخ واضح للمبادئ الاقتصادية العشرة الواردة في «وثيقة المبادئ الاقتصادية لدولة الإمارات»، ومنها: اقتصاد منفتح على العالم بلا قيود، واستقطاب أفضل الكفاءات الاقتصادية، والتطوير المستمر للتشريعات الاقتصادية، وبناء اقتصاد مستدام ومتوازن والمحافظة على الموارد للأجيال القادمة، والشفافية والمصداقية وسيادة القانون، وأفضل بنية تحتية لوجستية في العالم، والاستثمار في الاقتصاد الرقمي.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.