قبل انعقاد الجلسة الأولى لمحكمة العدل الدولية للبت في الدعوى التي قدمتها القوات المسلحة السودانية ضد الإمارات في 10 أبريل 2025 ، قالت الإمارات كلمتها في عدم حاجة السودان الشقيق للذهاب بعيداً في الخصومة برفع الدعاوى في الأروقة الدولية!
ورغم عدم حاجة الدولة للمثول أمام المحكمة، إلا أنها احترمت القوانين والإجراءات المرعية، وحضرت الجلسة واثقة بنفسها، وببراءتها من كل الادعاءات والاتهامات الباطلة.
ومن فضل الله علينا أن المحكمة أغلقت الملف، يرافقها بياض البراءة الخالصة، والخالية من كل شوائب الفكر الذي قاد السودان إلى نفق الفوضى في الميدان، وكذلك في ديوان السياسة الدولية.
عندما أعلنت المحكمة بكل صراحة لا لبس فيها، بأن الدعوى المرفوعة من قبل السودان ليس محل اختصاص، ذهبت القوات المسلحة السودانية خطوة إلى الأمام، ودفعت ببند «الإجراءات الاحترازية» إلى الواجهة، مخرجاً ثانياً للمضي في باطل الاتهام، متجاهلة أبسط قواعد القوانين والتشريعات، وهو أنه إذا بطل أصل الدعوى، ففروعها باطلة بالتبعية، ما جعل المحكمة تقرر عدم قبول تلك الدعوى ضد الإمارات.
وأريد أن أضيف أمراً آخر يتعلق ببند أو مادة «الإجراءات الاحترازية»، وكيف أنها لم تصمد أمام واقع الحرب الأهلية بين طرفي النزاع الذي لا شأن للإمارات بها، قطعاً وقولاً واحداً .
والمسألة الواقعية التي أوقفت بند «الإجراءات الاحترازية» هي في تصريحات البرهان نفسه، عندما أعلن عن دحر «قوات الدعم السريع» وإضعافها، وشل قدراتها الهجومية، بعد هذا التصريح لم تعد هناك حاجة للذهاب إلى تفعيل مادة «الإجراءات الاحترازية» ضد أحد، فسقطت قبل أن يبت في أمرها.
لقد انتصرت العدالة الدولية للإمارات يوم الاثنين الموافق 5/5/ 2025 مرتين متتاليتين في يوم واحد بسقوط أصل القضية وفرعها الذي لم يستطع إنقاذ الأصل الباطل للدعوى القضائية المرفوعة، والتي ذهبت أدراج الرياح السودانية هباء منثوراً .
نأتي إلى ما حصدته الإمارات عند مثولها أمام محكمة العدل الدولية طواعية، لأنها كانت واثقة ببراءتها من كل الادعاءات الزائفة، وبأن براهين البرهان لم تكن ساطعة كما ظن، بل مظلمة.
ربحت الإمارات، وأكدت بحرفيتها الدبلوماسية أمام العالم أجمع، بأنها تستحق التحية والثناء بسبب شجاعتها وجرأتها وقوتها في الدفاع عن مواقفها بكل محفل دولي توجد فيه.
أيضاً أثبت فريق الإمارات القانوني قدرته الاحترافية، وقوته الدبلوماسية أمام المحكمة التي ترفع راية العدالة الدولية ومشاركة هذا العالم بكل تنوعه واختلاف مذاهبه واتجاهاته الفكرية، لإثبات براعة الإمارات في الدفاع عن نفسها بكل شفافية ونزاهة. ماذا عن السودان؟! بعد حكم محكمة العدل الدولية الذي برّأ الإمارات من أباطيل النظام الحاكم في السودان منذ خمس سنوات، يعطي دفعة قوية للمضي في استخدام القانون الإنساني الدولي لمصلحة الشعب السوداني الذي يبحث عن قشة الاستقرار والأمن والكرامة والحرية، فاليوم بعد هذا الانتصار الدولي، الإمارات أقرب إلى شعب السودان من الأمس القريب.
ماذا تريد الإمارات لمستقبل السودان؟ الإمارات تأمل في أن ينعم الشعب السوداني الشقيق بدولة وطنية مَدنية مستقلة عن الفكر المسيس والمؤدلج، تُعامل كل شرائح المجتمع المدني السوداني على قدم المساواة، والإمارات لن تتدخل فى شؤون الشعب واختياراته، والأمل في حكومة شرعية سودانية تمد يدها إلى جميع أشقائها الحريصين على وحدة أراضيها، وتمنع تقسيم المقسّم، وتخرج من ضيق عزلتها إلى سعة العالم الأكبر، عربياً وإسلامياً وعالمياً.
*كاتب إماراتي