فيما يعكس الجهود المكثَّفة لدولة الإمارات العربية المتحدة لتعزيز أمنها الغذائي وتشجيع الابتكار الزراعي، انطلقت فعاليات الأسبوع العالمي للغذاء في الفترة من 21 إلى 23 أكتوبر الجاري في مركز أدنيك أبوظبي، برعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة.
 وتحظى هذه الدورة من الأسبوع العالمي للغذاء بمشاركة محلية ودولية واسعة، حيث تشهد معدلات نمو جوهرية في جميع مؤشرات الأداء، إذ بلغت المساحة المخصصة للعروض 33542 متراً مربعاً، بارتفاع نسبته 15% مقارنةً بالدورة السابقة. كما زاد عدد الشركات العارضة والعلامات التجارية بنسبة 9%، لتصل إلى 2070، فضلاً عن استضافة أكبر تجمُّع للمزارعين ومربي الثروة الحيوانية ومنتجي العسل المتميزين في الإمارات، ضمن جناح جائزة الشيخ منصور بن زايد للتميز الزراعي، مع الاحتفاء بإنجازات وقصص نجاح أكثر من 150 مزارعاً إماراتياً.
 والحاصل أن دولة الإمارات، وضمن الجهود الحثيثة لتعزيز أمنها الغذائي، قد اتخذت تدابير عدة تضمنت إنشاء مجلس الإمارات للأمن الغذائي، وإطلاق الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051، والنظام الوطني للزراعة المستدامة، ودليل الاستزراع السمكي 2020، والقانون الاتحادي لتنظيم المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية في حالات الطوارئ والأزمات، وبنك الإمارات للطعام، وبرنامج رواد الغذاء والزراعة.
وتستهدف «الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051» تطويرَ منظومة وطنية شاملة تقوم على أسس تمكين إنتاج الغذاء المستدام، وتُحدد عناصر سلة الغذاء الوطنية بناءً على ثلاثة معايير رئيسة، وهي: معرفة حجم الاستهلاك المحلي لأهم المنتجات، والقدرة على الإنتاج والتصنيع، والاحتياجات التغذوية. كما تتضمن الاستراتيجية 38 مبادرة قصيرة وطويلة الأجل، وتتأسس على خمسة توجّهات استراتيجية تركز على تسهيل تجارة الغذاء العالمية، وتنويع مصادر استيراده، مع تحديد خطط توريد بديلة، تشمل ثلاثة إلى خمسة مصادر لكل صنف غذائي رئيسي.
 ويبرُز في هذا السياق كذلك مشروع «وادي تكنولوجيا الغذاء» الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في عام 2021، بهدف مضاعفة إنتاج دبي الغذائي ثلاث مرات، بحيث يُصبح المشروع الأول من نوعه في المنطقة والمرجع الأول لاستدامة نُظم إدارة الغذاء على المستويين الإقليمي والعالمي. كما يُعد هذا المشروع ضمن مجموعة من المشاريع المائية والزراعية والغذائية التي تندرج ضمن استراتيجية الأمن الغذائي الوطني.
وتجدر الإشارة إلى أن دولة الإمارات أطلقت في عام 2024 خطةً لتطوير أكبر منطقة لوجستية في العالم لتجارة المواد الغذائية بدبي، مع تكليف مجموعة موانئ دبي العالمية بإدارة وتشغيل السوق وتطويرها وربطها مع الأسواق العالمية، ما يسهم في تعزيز مكانة دولة الإمارات كمركز عالمي لتجارة الغذاء.
وثمة العديد من الدلائل التي تؤكد فاعليةَ جهود الإمارات لتعزيز أمنها الغذائي، حيث احتلت المركز 23 عالمياً بين 113 دولة في المؤشر العالمي للأمن الغذائي لعام 2022، الصادر عن «إيكونوميست إيمباكت»، مع تصدّرها دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث أدائها في المؤشر ذاته بعام 2022، كما احتلت المرتبة الأولى في المؤشر الفرعي لتوافر الغذاء، والمرتبة الثانية في مستوى جودة وسلامة الغذاء.
 وعلى أرض الواقع، فقد بدا ذلك جلياً خلال جائحة «كوفيد-19»، حيث تمتعت السوق المحلية باستقرار ووفرة بالمعروض من السلع الغذائية والاستهلاكية بشكل عام، كما لعب القطاع التعاوني دوراً حيوياً في ذلك، ما يعكس الإدارة الاحترازية لسلاسل الإمداد والمخزون الاستراتيجي للدولة من الغذاء، مع تنويع مصادر وارداتها من الغذاء. 
ختاماً، تُجسّد جهود دولة الإمارات العربية المتحدة في إدارة منظومة الأمن الغذائي، التي تشمل الأمن المائي والطاقة والطوارئ والمخزون الاستراتيجي والإنتاج الزراعي وسلامة الغذاء والاستثمار الخارجي وتنويع مصادر الاستيراد والتغذية، نموذجاً متكاملًا للتخطيط المستدام، إذ يُتوقَّع أن تسهم هذه الرؤية الشاملة في ترسيخ مكانة الدولة عالمياً، وتحقيق هدفها بأن تكون الأفضل في مؤشر الأمن الغذائي بحلول عام 2051، وشرياناً محورياً للأمن الغذائي الدولي.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.