تعددت الهبّات الجماهيرية، التي تؤدي في النهاية إلى إسقاط الحكومات، وذلك كما رأينا في حالة جورجيا، عندما أطاحت الاحتجاجات التي قامت بها تلك الجماهير- بسبب تزوير الانتخابات- بالرئيس "إدوارد شيفارنادزه" الموالي لموسكو. ثم ما لبث نفس الشيء أن تكرر مرة أخرى في أوكرانيا، عندما قام البرلمان الأوكراني بالتصويت بحجب الثقة عن حكومة رئيس الوزراء "فيكتور يانوكوفيتش" الذي كان قد فاز في الانتخابات الرئاسية التي جرت هناك في أواخر العام الماضي في ظروف مثيرة للجدل. ورأينا كيف قامت الجماهير الأوكرانية بتحدي البرد القارس والصقيع، والخروج لأكبر ميادين العاصمة "كييف"، وبقاءها هناك لأيام كي تعبر عن رفضها لنتائج الانتخابات، حتى اضطرت السلطة في النهاية للرضوخ لمطالب الجماهير، واعتماد تعيين مرشح المعارضة " يوشينكو"، على الرغم من تهديد موسكو. وتكرر الشيء ذاته بعد ذلك في لبنان، عقب اغتيال رفيق الحريري، وقيام المعارضة باتهام الحكومة والسلطة بالمسؤولية عن ذلك الاغتيال، ومطالبتها بالاستقالة. ثم خروج الجماهير إلى الشوارع حاملة الأعلام، ومرددة الهتافات المطالبة برحيل الحكومة، وهو ما تحقق في النهاية بعد جلسة عاصفة في البرلمان. كانت الحالة الأخيرة لتلك الهبّات هي ما حدث في قرغيزستان، عندما شككت المعارضة في نزاهة الانتخابات التي حصلت فيها على 6 مقاعد من أصل 75 مقعدا، هي إجمالي مقاعد البرلمان، مما أدى إلى خروج الجماهير في مظاهرات صاخبة شابتها أعمال الشغب أدت في النهاية إلى سقوط نظام "عسكر أكاييف" المدعوم من موسكو. تقودنا تلك الحالات المتلاحقة من الهبات الجماهيرية إلى سؤال هو: هل اكتشفت الجماهير أخيرا الوصفة السحرية التي تمكنها من التخلص من الأنظمة الفاسدة؟..وهل يئست الجماهير من التغيير من خلال الوسائل الديمقراطية؟ ولماذا أصبحت الأنظمة أكثر حذرا في استخدام أجهزتها الأمنية لقمع المتظاهرين أو سحقهم بالدبابات؟
ماهر عزت - مصري مقيم في هولندا