كاجتياح تسونامي، وقلق العذاب والخسائر... يحدث هذا في سوق الأسهم وعوالمها. فالهرولة للأسواق المالية، جعلت حالة الانتعاش تحفز نحو إطلاق شركات مساهمة متعددة، تختلف الأنشطة وتتفق في جمع أكبر قدر ممكن من الأموال لتأسيس رأسمال الشركة لتبدأ في تشكيل التفاصيل لاحقاً.
مثل هذه الشركات وأنشطتها فرصة مواتية لذوي الدخل المحدود للذهاب نحو تكوّن محفظة ادخارية استثمارية، تتيح لهم إمكانية أن يضاعفوا من أموالهم المدخرة، وتحويلها إلى قيمة أسهمية ذات أنصبة يمكن أن تكون سبباً في تكون ثروات لاحقة، إن كانت الأسهم من شركات ناجحة وتعرف كيف تدير رؤوس أموالها وتحدد مساراتها بحيث تتيح لها فرصة النماء والاستمرار في الازدياد. خاصة أن بعض هذه الشركات ذات الأصول المالية ترتبط بمشروعات استثمارية لها في المستقبل مردودها الاقتصادي المؤثر على الحركة الاقتصادية في الدولة، كذلك هي شركات تختلف عن كونها مجرد شركات توظيف تقوم على التبادل الذي لا يعني أكثر من كونه تبادل أدوار، أكثر من كونه استثماراً اقتصادياً دقيقاً.
لذلك كان المتوقع على الدوام أن تكون هذه الشركات تستهدف المساهمة في تفعيل دورها اقتصادياً وسط هذا الزخم في شركات تتكاثر، ولا يمكن التنبؤ ببعضها لأنه حتى القائمون على مثل هذه الشركات لهم سمعتهم في السوق وبالتالي يتحدد مدى توقع نجاح الشركات من عدمه.
المهم في الأمر أو الغريب أن هذه الشركات -التي يفترض أنها تهدف إلى تحسين وضع ذوي الدخل المتوسط أو المحدود- أنها عندما تبحث عن مؤسسين تعتمد على علاقات أفراد الشركات بالآخرين. وما حدث أن ذات الأسماء -المعروفة بثرائها- تكررت في غالبية الشركات الجديدة، والتي يتوقع لها أن تكون ذات أهداف استثمارية وبالتالي نجاح قيمة أسهمها وارتفاعها مستقبلاً، ما يعني أن الثري يزداد ثراء، والموظف البسيط الذي يبحث عن كل المستحيلات لتحسين وضعه الاقتصادي لا يجد إلا فتات الأسهم وكأنه استودع البنك وديعة، لأن عدد الأسهم التي يستطيع الحصول عليها ضئيل ولا يمكن اعتباره استثماراً ذكياً ويعول عليه في ادخار له معنى مختلف.
بمعنى آخر... إن "الهامور" - كناية محلية عن أصحاب الثروات- لا يعبأ بالآخرين وضرورة إتاحة الفرصة لهم بالاكتتاب لعدد كبير من الأسهم، لأنه ببساطة قد جنى آلاف الأسهم واعتبر من مؤسسي الشركة، وبالتالي تضاؤل فرص الآخرين الذين لا يملكون ما يملك "الهامور".
والأمر برمّته عائد إلى العلاقات الاجتماعية والمجاملات الشخصية التي تؤسس لثروات تتكاثر، والهدف الحقيقي لمثل هذه الاستثمارات يغيب لأن الموظف البسيط وصاحب الدخل المتوسط لا يستطيع الدخول في منافسة مع ناطحات السحاب والأموال المقنطرة.
ترك الفرص واجب وطني، وهذا التعامل الأناني -إن صح التعبير- سيعمل على إخفاق هدف محدد هو استثمار يسعى لتحسين ظروف المواطن المعيشية، المواطن الحقيقي الذي لم تواته فرصة معرفة أولئك الذين لا يعرفون إلا أشباههم وكأن العالم خلا إلا منهم.
نجاح الاستثمار يرتبط بالمواطن دون تخصيص ودون اعتماد على علاقة شخصية يصعب بها المساهمة في دعم الاقتصاد الوطني دعماً صادقاً وبعيداً كل البعد عن زحام الأسهم وحكايات الإثراء للأثرياء أكثر. نحتاج لقانون ملزم بتحديد سقف للتعاملات يحفظ توازي الفرص وتحقيق المنفعة للوطن أولاً وللأفراد ثانياً.