لعله بقدر ما شكلت الإجراءات الأميركية المتصلة بإطلاق سراح العشرات من الأسرى الذين اعتقلتهم في جوانتانامو، مفاجأة كبيرة بالنظر إلى ما أطلقته من أوصاف وتهم ضد أولئك الأسرى سيئي الحظ، فإن ما رواه أولئك العائدون وما صوروه من مشاهد عن معاناتهم في السجن وما تعرضوا له من تدمير جسدي ومعنوي ممنهج، سبب بالقدر ذاته صدمة هائلة لمن تابعوه! فقد أجبر معتقلو جوانتانامو، وفقا لما يذكره من عادوا منهم، على إعطاء اعترافات خاطئة تحت التهديد بالقتل والتعرض للضرب المبرح، كما ترك كل منهم بمفرده في عزلة لفترات طويلة، والتقطت صور لهم، وهم عراة، وتعرضوا للتقييد بطرق قاسية.
وربما لخص المغربي محمد مزوز الذي كان أحد معتقلي جوانتانامو، وأطلق سراحه العام الماضي، ذلك الوجه غير المشرق للسياسة الأميركية؛ حين كشف عن أن المحققين الأميركيين عرضوا عليه، وعلى جميع المعتقلين الآخرين، ثلاثة خيارات؛ إما العمل لصالح الاستخبارات الأميركية، أو التعرض لأمراض عقلية لا شفاء منها، أو المكوث الأبدي في المعتقل. أما قصة اعتقاله، كما رواها لإحدى الصحف العربية مؤخرا، فجرت بأسلوب لا يقل انحطاطا وفظاعة، إذ تم بيعه من قبل إحدى مجموعات اللصوص الباكستانية التي تعامل معها الأميركيون بمبالغ معينة مقابل كل رأس أو أسير حي! فهل ما يصوره مواطنون عرب عائدون من جوانتانامو هو بداية صحيحة لنشر الديمقراطية في العالم العربي، وفق المشروع الأميركي الذي يعتقد محافظو واشنطن الجدد أنه رسالة "متعالية" لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها؟!.
نادر المؤيد - أبوظبي