قد لا أبالغ إذا قلت إننا يجب أن ننتبه جيداً وبشدّة وقبل فوات الأوان لحالة الاختراق والتغلغل "التنصيري" الذي أخذ يجتاح مجتمعاتنا الإسلامية بصورة فاضحة وواضحة، والذي وصل في حدته إلى مرحلة الخطر خاصة في السنوات الأخيرة. والمؤشرات على ذلك كثيرة، في العراق هناك معركة تدور بصورة خفية تقودها مجموعة من المنظمات التنصيرية الأميركية والأوروبية الذين دخلوا العراق بعد الاحتلال، والهدف تحويله إلى قاعدة للتنصير يتم من خلالها الانطلاق إلى قلب العالم الإسلامي. مجلة "نيوزويك" الأميركية كانت واضحة في هذه المسألة عندما كشفت بدقة عن وجود هذا المخطط التنصيري الذي تقوم به الكنائس الأميركية، حيث أشارت إلى أن جمعية الكتاب المقدس الدولي أرسلت إلى العراق 10 آلاف نسخة من كتيبات باللغة العربية وتحمل اسم "المسيح جاء بالسلام" وأن الجمعية تنوي إنتاج ما يقرب من 40 ألف نسخة أخرى.
وفي الجزائر هناك حملة شديدة للتنصير في منطقة القبائل، وقد كشف التحقيق الذي نشرته جريدة "الاتحاد" الصادرة في 8-9/2/2005 تحت عنوان "التنصير يجتاح مناطق القبائل ويصطاد شبابها"، عن المدى الذي وصلت إليه حالة التنصير هناك، والتي كما يقول التحقيق إنها أصبحت تجتاح معظم مناطق الجزائر. وقد شهدت منطقة القبائل (ولايتي تيزي أوزو) تصاعداً في حالة التنصير، حيث تحول بعض الشباب الجزائري الذي كان حتى 1992 من المسلمين إلى مسيحيين، وأصبحوا يدعون إلى المسيحية. وزير الشؤون الدينية الجزائري بوعبدالله غلام عبّر بصراحة عن خطورة هذه الحالة عندما قال: "إن الشباب الجزائري يتعرض للإغراء حيث يعرض عليهم المبشرون مناصب عمل وتأشيرات سفر إلى أوروبا مقابل اعتناق المسيحية، وإن حملة التبشير التي تجتاح الجزائر لم تترك المرضى والمعاقين حيث طلبت منهم اعتناق المسيحية مقابل السفر للخارج للعلاج، وطالت الشباب الذين أخفقوا في دراستهم حيث يقترب منهم المبشرون لإيهامهم بأن الأمل في مستقبل أفضل تحققه لهم المسيحية".
وفي المغرب أشارت جريدة "التجديد" الصادرة في 14/3/2005 إلى أن عدة منظمات إنجيلية خاصة منها الأميركية، تعمل في سرية وتركز على المناطق البعيدة وفي المدن الكبرى، وأن عدد المغاربة الذين اعتنقوا المسيحية قد تصاعد، وأن من يقوم بالتنصير أشخاص سريون يتسللون إلى المغرب عبر قنوات مختلفة، وأن الأمر وصل إلى إقامة ندوة بثانوية محمد الخامس حضرها أحد القساوسة المسيحيين وافتتحت بترانيم كنائسية، وكانت كلمة القس دعوة مباشرة لاعتناق المسيحية بقراءته لآيات إنجيلية والتشكيك في القرآن الكريم. وفي السودان يتعرض إقليم دارفور الذي يعتبر البوابة الحقيقية التي دخل منها الإسلام وانتشر في أفريقيا، إلى هجمة تنصيرية حيث أرسل مجلس الكنائس العالمي بالتعاون مع مجلس كنائس القارة الأفريقية وفداً من النساء المنصرات إلى دارفور، والهدف إخراج المسلمين من دينهم وتشكيكهم فيه. وفي تركيا حذر تقرير صادر عن قيادة الجيش التركي من تنامي عمليات التنصير في تركيا، وقال إن جماعات من المنصّرين يخططون لتنصير نحو 10% من سكان تركيا البالغ عددهم 70 مليوناً حتى عام 2020. وأشار التقرير إلى أنه تم توزيع مليون "إنجيل" على المواطنين الأكراد وأن هذه الجماعات تستفيد من صعوبة الأوضاع الاقتصادية في بعض المناطق من خلال تقديم المساعدات لهم. وفي أندونيسيا هناك حملة تنصير تستهدف المسلمين وهذه الحملة تمارس منذ مدة طويلة، حيث تشير الأرقام إلى أنه حتى عام 1989 تم تنصير ثلاثة ملايين مسلم، ولم يسلم الناجون من زلزال تسونامي الذي ضرب آسيا من الأغراض التبشيرية، حيث قامت جماعة تبشيرية أميركية بنقل 300 طفل أندونيسي يتيم من مدن ضربها الزلزال إلى جاكارتا بهدف "زرع القيم المسيحية في الأطفال اليتامى بأسرع وقت ممكن". وفي باكستان وبنجلاديش تتحرك المنظمات التنصيرية، وفي طشقند احتفل مركز التنصير هناك بتنصير عشرة آلاف مسلم.
دول الخليج ومجتمعاتنا الخليجية في تصوري ليست بعيدة عن هذه الحملات التبشيرية. ووصلتني شخصياً منذ مدة رسالة عبر البريد تتضمن دروساً في المسيحية. والسؤال المهم هنا: كم عدد الرسائل التي تصل بهذا الشكل إلى المواطنين؟ وخاصة أنني قرأت أن هناك 150 ألفا يتلقون دروساً في المسيحية بهذا الشكل؟.
وإذا لم نتحرك سريعاً لمواجهة مثل هذه الحملات التنصيرية فإن الأمر سيأخذ صوراً وأشكالاً أخطر مما هو عليه الآن.