تحتفل وزارة الصحة هذه الأيام بيوم الصحة العالمي، الذي يقام هذا العام تحت شعار
"لا تبخسوا أمّاً ولا طفلاً مكانتهما في المجتمع" وهذا الشعار جميل والاحتفال بيوم الصحة العالمي أجمل، ولكن اللافت أن برنامج الاحتفال - بما يضمّه من الأنشطة والفعاليات والمسابقات والندوات، إضافة إلى تنظيم عدد كبير من المحاضرات واللقاءات الإعلامية، يغيب عنه أحد أهم متطلبات الصحة العامة وهو الرياضة! ولا نقلل بالطبع من قيمة الجهود المبذولة ولا نقطع بعدم فاعليتها، ولكن نستغرب أن ننظم العديد من الأنشطة احتفالا بيوم الصحة العالمي ولا نتذكر أن نضم إلى هذه الفعاليات نشاطا أو مهرجانا رياضيا واحدا، في حين يشير الخبراء إلى أن معظم الأمراض التي يعانيها المواطنون والمقيمون هي نتيجة مباشرة أو غير مباشرة للعادات الغذائية السيئة، بالإضافة إلى انعدام النشاط الحركي وغياب الاهتمام بالرياضة! والغريب أيضا أن أجندة الاحتفالات تضم عشرات الأنشطة التي تبدأ بالندوات وتنتهي بالدروس الدينية مرورا بالمحاضرات والبرامج الإذاعية والتلفزيونية وغير ذلك من أنشطة تحاول نقل الفكرة والجهد إلى الجمهور المستهدف قدر الإمكان.
كان من الممكن أن يكون احتفال هذا العام بيوم الصحة مناسبة لإطلاق مبادرات رسمية وشعبية تضطلع فيها جمعيات النفع العام ومؤسسات التربية بدور حيوي للالتفاف حول حملة وطنية تنقذ أبناءنا من داء السمنة المتفشّي بين طلاب المدارس، فالسمنة - بحسب الإحصاءات- هي ثاني الأمراض الأكثر شيوعا بين هؤلاء الطلبة، وإذا كان نشر الوعي بخطورة الوجبات السريعة الجاهزة التي تحتوي على سعرات حرارية عالية وتحريض الناس على العودة إلى الوجبات المنزلية هو أحد أساليب مواجهة انتشار البدانة، فإن هناك أسلوبا لا يقل أهمية، وربما يفوق، وهو استغلال البنى التحتية الحديثة، مثل الكورنيش الجديد بأبوظبي الذي يمتد بانسياب رائع إلى أكثر من عشرة كيلومترات من دون انقطاع في الدعوة إلى ممارسة الرياضة وتنظيم جانب من هذه الفعاليات على الكورنيش في الهواء الطلق لتشجيع الجمهور على التخلي عن أنماط الحياة التي جلبت للكثيرين الأمراض، مع التركيز على اختيار الغذاء الصحي إن لم يكن بهدف خفض أعباء ميزانيات الخدمات الصحية على المدى البعيد، فللحفاظ على صحة الجميع على المدى القريب!.
وللأمانة فإن المسؤولية في هذا المجال يصعب وضعها كاملة على كاهل وزارة الصحة، فهناك الهيئات المعنية بالشباب والرياضة وهناك أيضا وزارة التربية والتعليم والإعلام الذي يمكن أن يلعب دور رأس الحربة في مواجهة العادات الغذائية السيئة ونشر الرياضة والترويج لممارساتها بين صغارنا وكبارنا بالحماس ذاته وبمستوى تكرار بث المسلسلات المكسيكية، فالرياضة ليست استوديوهات لمتابعة مباريات الكرة فقط بل هي نظام حياة وطوق نجاة في مواجهة طوفان السعرات الحرارية وكل عام وصحة الجميع بخير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية