مظاهرة المليون التي خرجت يوم أمس في العراق في الذكرى الثانية لدخول قوات التحالف بغداد وسقوط نظام صدام حسين والتي طالبت بخروج القوات الأجنبية وإنهاء ''الحالة الراهنة'' والإسراع في محاكمة صدام حسين هي تلخيص لما هو عليه حال العراق بعد عامين من سقوط نظام صدام حسين الذي حكم العراق بالحديد والدم والنار لأكثر من ربع قرن· بعد عامين العراق اليوم رئيسه جلال الطالباني الذي كان رأسه مطلوبا لنظام صدام حسين لأنه طالب بتخليص البلاد والعباد من حكم الفرد والحزب الواحد والخروج إلى النور بدلا من أقبية الظلم والتعذيب التي رهن بها صدام الشعب العراقي بكل أطيافه وطوائفه، ورئيس الحكومة العراقية إبراهيم الجعفري شيعي كان أيضا من المطاردين من قبل نظام صدام حسين، ونائبا الرئيس غازي عجيل الياور سني، وعادل عبد المهدي شيعي، العراق اليوم يحتوي كل العراقيين بكل أطيافهم لا شك هذا المشهد كان ثمنه غاليا جدا ولا يزال العراقيون يدفعون الثمن من دمائهم ومستقبلهم بسبب الإرهاب والمخربين الوافدين إلى العراق لتدمير الإنجازات التي عمدها العراقيون بدمائهم، ورغم هذا الثمن الباهظ يسير العراقيون بإصرار نحو بناء وطن ديموقراطي يؤمن بالتعدد وحرية الرأي والالتقاء مع الآخر بعيدا عن العنف·
المشهد العراقي الراهن رغم كل ما يحيط به من إرهاب وأعمال عنف من فئات إما مضللة أو وافدة إلى العراق يبشر بالخير لهذا البلد الذي ذاق الأمرين على مدى أكثر من خمسين عاما، هذا المشهد الذي يجمع كل المتناقضات ينصهر في بوتقة العراق الحر ويسير على النهج الديموقراطي الذي سوف يخلصه من جميع أدران الماضي والتناقضات التي يراها البعض اليوم ستكون عناصر قوة ومنعة للعراق والشعب العراقي الذي انتصر لتراب وطنه وستجتمع السواعد العراقية كلها للبناء والتعمير وتعويض الشعب العراقي ما فاته خلال نصف القرن الماضي خصوصا مع استمرار العملية السياسية بزخمها الحالي وكتابة الدستور الدائم للعراق الذي يشارك فيه كل العراقيين ليبدأ هذه البلد صفحة جديدة من تاريخه أساسها التفاهم والتلاقي على مصلحة العراق وشعبه بكل طوائفه ليعود من جديد عضوا فاعلا في الأسرة الدولية وفي محيطه العربي ينعم بالأمن والاستقرار والرخاء·