لقد أقسم الرئيس السوداني عمر البشير بالثلاثة بأنه لن يسلم أحداً من السودانيين الذين ارتكبوا جرائم حرب في دارفور للمحاكمة خارج السودان، وقد نسمع قريباً أن أحد الرؤساء حلف "بالطلاق ثلاثة" على عدم تنفيذ قرار مجلس الأمن، وبهذا يدخل مجلس الأمن في إشكالية جديدة تماماً، وبناء عليه يجب على المجلس إلغاء القرار حتى لا يطلق الرئيس زوجته أو على الرئيس طلاق زوجته إن رفض المجلس تغيير قراره. وهكذا العالم العربي في علاقته مع إسرائيل منذ خمسين سنة، فلو طبقت قواعد البروتوكول السودانية الجديدة لكانت علاقات العرب مع العالم باطلة لأن إسرائيل لم ولن تنفذ قرارا واحدا للأمم المتحدة أو المجتمع الدولي حتى لو أقسم كوفي عنان بالطلاق على زوجات أعضاء الجمعية العامة ومجلس الأمن والمجالس الأخرى!.
إنني أتخيل جلسة الجامعة العربية في ظل القواعد الجديدة، وهي أن ينفذ كل قرار بقسم الرئيس بالطلاق عليه، وذلك حفاظاً على الأسرة العربية. ونعود لقرار البشير، لماذا أقسم بعدم تسليم مجرمي الحرب إلى مجلس الأمن لمحاكمتهم؟ وهل هذه شجاعة أن يتركهم كل هذه الفترة دون محاكمة؟ وهل الحكومة السودانية موافقة على انتهاكات دارفور أم هي مجرد عنترية ألا تسلم المجرمين؟ ولماذا لم يقسم الرئيس على محاكمتهم في السودان؟ وهذا هو المهم.
ثم هل يجوز القسم في السياسة التي هي قائمة على المراوغة المركزة؟ وماذا سيفعل الرئيس إذا اضطر لتسليم مجرمي الحرب، وإذا فُرضت عقوبات على الشعب السوداني الطيب مثل الحصار الاقتصادي وشركات البترول، هل سيستمر في الإصرار على قسمه؟ وهل إذا أقسمت أميركا الآن بأن تحاصر السودان وتوقف شركات البترول عن العمل، هل ستتحول السياسة إلى "قسم" يمكن أن يسقط بسبب مسخرة السياسة التي أصبحت أساس فساد العالم؟.
د. مراد راغب حنا - أبوظبي