إن الشعب الفلسطيني الأبي المناضل يستحق كل إجلال وتقدير، لقد قام عن بكرة أبيه يجاهد ويقاوم المعتدي الصهيوني الغاشم المستبد، ولم يمنحه فرصة تلويث المقدسات. لقد هبّ هبّة المزمجر الغاضب شيوخاً وشباباً. في السياج البشري المضروب حول الأقصى وفي أروقته، رأينا شيوخاً، فيهم جَلَدَ الشباب وفتوته حين اختلطوا بهم يلوحون بـ"عكاكيزهم" الفتية في وجه من يسمون بالمتطرفين اليهود -واليهود كلهم متطرفون- فلم يعرف العالم تطرفاً ولا إرهاباً إلا من قِبلهم إما مباشرة أو كونهم باعثين له وممولين أو مشجعين له. إن أي عبث أو مساس بحبة رمل واحدة من تراب الأقصى مرفوض، بل سيقدّم مسلمو العالم أرواحهم فداء لتلك الحبة، فهل يعي اليهود الدرس؟ إنهم بذلك يبعثون انتفاضة لا نهاية لها إلا بتحرير الأقصى وتطهيره من دنس اليهود ورجسهم، ولا أحسب للمنطقة العربية بل للعالم أجمع هدوءاً إلا باستئصال شأفة الصهاينة، ولا أتوقع بديلاً غيره.
لقد شكل الفلسطينيون دروعاً بشرية حالت في منظر مشرف يجسد حقيقة الجهاد والدفاع عن الحق، فلا إرهاب ولا إزهاق لأرواح الأبرياء، بل جهاد مشروع عن حق مغصوب ضد عدو ظالم، إنه موقف مهيب رفع هامات المسلمين في جميع أنحاء العالم والذين شاركوا إخوانهم بما يملكون من كلمات الرفض والاستنكار. لقد تحمل الشعب الفلسطيني كثيراً من أنواع الغدر الصهيوني وكثيراً من الوعود تلو الوعود الزائفة، وأما ما لا يطيقونه ولا يتحملونه فهو أي مساس بالمسجد الأقصى أو غيره من المقدسات الإسلامية التي لا خير في حياة بعدها، وهذا ما يعتقده كل مسلم.
فليحاول غلاة اليهود ما شاءوا، وليجربوا إن لم تكن التجارب السابقة فيها ما يكفيهم من العبر والعِظات، فستظل فلسطين أبية شامخة مجاهدة تدافع عن حقها المشروع ونحن -المسلمين قاطبة- إخوانهم ومعهم على درب الكفاح والجهاد.
سليمان العايدي - أبوظبي