لاشك أن القضية الفلسطينية هي أكثر القضايا الدولية التي تعرضت للتسويف والمماطلة، وضمن هذا الإطار تأتي تصريحات الناطق باسم الحكومة الإسرائيلية قبل يومين والتي يقول فيها إنه ليس من المتوقع إنشاء الدولة الفلسطينية في عام 2006. السؤال الذي يطرحه كل فلسطيني أو ربما كل عربي: متى تقوم الدولة الفلسطينية؟ وإلى متى تطلق إسرائيل وعودها الزائفة ونحن نصدقها على الرغم من أن كل التجارب السابقة في التفاوض مع الدولة العبرية تؤكد أنه لا يمكن الوثوق أبداً في تصريحات المسؤولين الإسرائيليين؟ وإلى متى هذه الوعود الفضفاضة المطاطة؟
شارون كان اتخذ من سياسات الرئيس الفلسطيني الراحل ذريعة لرفض التفاوض مع الفلسطينيين، والآن بعد أن وصل محمود عباس المعروف بأفكاره المعتدلة، لا تزال إسرائيل متمادية في نهجها وسياساتها، ما يؤكد للعالم، وللغرب تحديداً، أن المشكلة في ساسة إسرائيل.
ويبدو أن ساسة تل أبيب مُصرون على انتهاج سياسات من شأنها إفقاد الفلسطيني أية بارقة أمل، ليكون الإحباط هو سيد الموقف، ومن ثم تتواصل موجة التوتر والعنف، التي تعصف في النهاية بكل أطروحات السلام الزائفة منها والحقيقية. ولنا أن نتصور كيف تحولت الأمور في الأراضي المحتلة خلال السنوات الخمس الماضية، وكيف أصبحت اتفاقات "أوسلو" حبراً على ورق؟
الإسرائيليون دأبوا على تشتيت انتباه المجتمع الدولي عن محور الصراع وهو الاحتلال، واستبداله بمشكلات أمنية آنية، كي تستهلك تل أبيب مزيداً من الوقت لبناء المستوطنات واستقبال المهاجرين اليهود لتغيير الطبيعة الديمغرافية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. ومن الواضح أن التحيز الأميركي وفر لإسرائيل موقفاً دولياً متحيزاً يخدم في الأساس مصالح الدولة العبرية على حساب الفلسطينيين وحقوقهم.
وفي ظل هكذا ظروف من الصعب إقناع الشارع الفلسطيني بجدوى التهدئة أو بأهمية الاتفاقات الأمنية التي تبرمها السلطة الفلسطينية مع تل أبيب، لأنه من الصعب الإقدام على السلام مع طرف يثبت كل لحظة أنه يرغب في توتير الأوضاع لصالح التسويف والمماطلة وهضم الحقوق. ومن الصعب أيضاً على الفلسطينيين الإيمان بسراب الوعود الدولية التي بددت حقوقهم منذ ما يزيد على نصف قرن.
رائد إبراهيم - دبي