الصين والنفاق الغربي
بعد مرور ثلاثة شهور فقط على دخول المنتجات الصينية خاصة الملابس والمنسوجات إلى أسواق أوروبا وأميركا دون قيود نظام الحصص الذي كان محدداً رئيسياً لحجم صادرات الأميركيين والأوروبيين من المنتجات الصينية، ها هي الولايات المتحدة وأوروبا تعيدان التفكير في فتح أسواقهما أمام طوفان المنتجات الصينية. هذا القلق الأوروبي والأميركي يؤكد حقيقة واضحة لا مناص منها، وهي أن الغرب الذي يتشدق بسياسة حرية التجارة وفتح الأسواق يفك الآن ثانية في انتهاج سياسات حمائية لضمان استقرار الأسواق والحفاظ على الصناعة المحلية.
صحيح أن المنتج الصيني الرخيص الثمن أصبح ورقة رابحة في أسواق العالم، لكن من الصعب أن يلجأ إلى سياسات طالما انتقدها وشجبها عندما كانت بلدان العالم الثالث مُصرة على تطبيقها. الواقع أن الغرب عودنا على التشبث بشعارات العولمة وتحرير الاقتصاد والتجارة وفتح الأسواق فقط عندما تصب هذه الشعارات في مصلحة الغرب، أما إذا انقلب السحر على الساحر وأصبح تطبيق هذه الشعارات أداة لظهور قوى دولية جديدة منافسة للغرب، فسرعان ما نجد تحولاً في الموقف الغربي، لا يمكن تفسيره إلا بلغة المصالح.
ولا يخفى على أحد أن الولايات المتحدة تحاول احتواء الصين بشتى الطرق اقتصادياً وسياسياً، وليس المخاوف الأميركية من طوفان المنسوجات الصينية إلا ورقة في ملف الضغوط التي تنوي واشنطن ممارستها على بكين، وهي ضغوط تمتد من ملف تايوان والتحالف الأميركي -الياباني وحظر تصدير السلاح الأوروبي إلى الصين.
عماد محمود-أبوظبي