في مقاله المنشور يوم الجمعة الماضي بصفحات "وجهات نظر"، والمعنون بـ"التهديات الأميركية العقيمة ضد أوروبا" لفت الكاتب والمحلل السياسي "ويليام فاف" الانتباه إلى الجدل الذي دار خلال الآونة الأخيرة بين الولايات المتحدة وأوروبا بخصوص حظر مبيعات الأسلحة الأوروبية إلى الصين. الكاتب عرض زاوية مهمة قد تغيب عن مخيلة بعض المحللين الاستراتيجيين، وهي أن إسرائيل تصدر تقنيات الأسلحة إلى الصين.
في واقع الأمر لن يكبل الحظر الأوروبي على مبيعات الأسلحة إلى بكين قدرات العملاق الآسيوي، لا سيما وأن القوة الصينية قطعت شوطاً كبيراً، وأصبحت لدى الجيش الصيني قدرات لا يستهان بها سواء في مجال الصواريخ الباليستية المحملة برؤوس نووية أو القوات التقليدية بحرية كانت أم برية. صحيح أن واشنطن تعودت على اتخاذ المشكلة التايوانية مبرراً لممارسة ضغوط على الصين، لكن من الواضح أن القيادة الصينية قادرة على احتواء هكذا ضغوط.
العلاقات التجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي تمضي قدما، ولن تنجح أميركا في تعكير صفو هذه العلاقات، لأن بكين تنتهج سياسة خارجية ذكية من خلالها تكرس مصالحها الاقتصادية، وهي سياسة أسفرت حتى الآن عن نجاح اقتصادي غير مسبوق. ومن الواضح أن واشنطن تبحث عن أدوات جدية لكبح جماح القوة الصينية الصاعدة، وهو ما يفسر لنا تنامي التحالف الأميركي-الياباني، والتذكير بين الفينة والأخرى بأن الولايات المتحدة تريد الحفاظ على الوضع القائم في مضيق تايوان بمعنى أنها لن تقبل أن تقدم بكين على توحيد تايوان بالقوة.
وإذا كانت أميركا تضغط في اتجاه إبقاء الحظر الأوروبي على مبيعات الأسلحة إلى الصين، فإن هذه السياسة قد تدفع بكين نحو تطوير قدراتها الذاتية والبحث عن تقنيات حربية روسية أو كورية شمالية، وفي هذه الحالة لن تكون ثمة قيود على طموحات العملاق الآسيوي الصاعد.
أحمد عبدالرحيم - دبي