بعد أن وصل اليأس مداه من انعقاد قمة مغاربية قد لا تكون هي بذاتها مناط أمل بالنسبة لنا نحن شعوب المغرب العربي، ها هي بوادر الانفراج تأتي من حيث لم نتوقع ومن المحور الذي كان الأكثر استعصاءً على كل المحاولات الجادة وغير الجادة طوال السنوات السابقة، أي من باب الأزمة أو "بيت الداء" المغاربي بين الشقيقتين الجزائر والمغرب. وقد مثلت الإجراءات التي اتخذتها الجزائر بإلغاء تأشيرة الزيارة على المغاربة القادمين إلى أراضيها، ثم إعلانها فتح الحدود مع المغرب بعد أن ظلت مغلقة طوال السنوات الأربع الماضية، خطوة صحيحة في الاتجاه الصحيح، وكذلك الشأن بالنسبة للرد المغربي على الخطوة الجزائرية.
فهل يستمر التحرك في علاقات البلدين الشقيقين نحو مزيد من الانفراج والتعايش والتوافق وإنهاء حالة الاستقطاب القائمة؟ نحن نتمنى أن تنتهي حالة اللامعقول في العلاقات المغربية الجزائرية، والتي جعلا بموجبها المشروع المغاربي برمته رهيناً لحسابات خسارة وقررا التضحية به وإغراق المركب بمن فيه، إذا لم تتحقق بعض أهدافهما المباشرة!
أليست هناك خلافات تاريخية ونزاعات مريرة بين فرنسا وألمانيا، وبين بريطانيا وأسبانيا، وبين دول أوروبية أخرى مع بعضها بعضا، لكنها تحرص جميعاً على تطوير وتنمية الاتحاد الأوروبي، وتجلس معاً لحل مشاكلها من خلال أطره الخاصة؟ لماذا لم نرَ فيها دولة واحدة تطالب بإيقاف عملة الاتحاد إلى أن تتم تسوية خلافاتها مع دولة عضو أخرى؟!
لكن اللامعقول ذهب بدولنا إلى إغلاق حدودها المشتركة وترك المواطنين عالقين عليها، بينما تسعى إلى أعلى مستويات "التنسيق" والاندماج في أطر "الناتو" والاتحاد الأوروبي، وكأنه ليس من حولها جيران وأشقاء وأهل مصير مشترك! فهل من خطوات أخرى بمنأى عن اللامعقول الذي يغلف عقولنا وسياساتنا؟!.
أحمد عبدالعظيم - تونس