نشرت وجهات نظر يوم الثلاثاء 19-4-2005 مقالا للكاتب حلمي شعراوي تحت عنوان "الأزمة السودانية... والتدويل التأديبي"، ومع ما جاء في المقال من تحليل موضوعي شد انتباهي كقارئ، إلا أنني أحب أن أعقب على الربط بين التطورات الحاصلة على الأرض في دارفور والسودان عموماً، من جهة، وضرورة التعاطي بواقعية وحذر مع الضغط الأميركي من جهة أخرى. والحقيقة أن الوضع السوداني معقد بشكل يستعصي حتى على التفسير الموضوعي أو المنهجي، ويتعذر معه أيضاً تحميل الضغط الخارجي وحده مسؤولية ما سيقع هناك. فثمة أطراف إقليمية عديدة ليس من مصلحتها عودة السودان إلى لعب دوره الطبيعي في شرق القارة، وهنالك دول إفريقية تحد السودان لا تخفي رعايتها لمعارضي حكومة الخرطوم، ثم هنالك ثغرات، إن جاز التعبير، في اتفاق نيفاشا، ولعل أبرزها أنه لم يقم القدر الكافي من الاعتبار للقوى السودانية الأخرى غير الحكومة والحركة الشعبية. ولئن كان طرفا نيفاشا يريدان إبرام عقد إذعان وفرضه على القوى السياسية السودانية الأخرى، فهذا يهدد بطبيعة الحال فرص السلام. أما عن الضغط الخارجي فيأتي في الدرجة الثانية، بحكم أسبقية تنظيم الوضع الداخلي أولا، ومن ثم عدم ترك فرصة يدخل منها الضغط الخارجي. وقد توصل الكاتب في نهاية مقاله إلى فكرة غير بعيدة من هذا، وهي حين قال مركزاً على دور الأطراف الإقليمية: الموقف في السودان يحتاج إلى وعي بحقيقة الضغط الأميركي وإمكانياته وقدرته على التحصن بالشرعية الدولية عندما يشاء أو بتجاهلها عندما يشاء، ولا يمكن مواجهة ذلك بمجرد الصراخ في وجه الأميركيين، بل بنقل معركة الشرعية إلى الساحات الإقليمية المحيطة عربياً وأفريقياً، وهذه الساحة لابد أن يدعمها موقف داخلي تتوازن فيه القوى السياسية الفعالة. ونتذكر جميعاً ما كان يحدث تجاه جنوب السودان وتجاه الحركة الشعبية والموقف الذي ظل عسكرياً لفترة طويلة حتى فقد القدرة على المقاومة، أو ما بدا للبعض افتقاداً للتوازن في أخطر قضايا بنية الدولة السودانية، وهو ما لا يتمنى أحد تكراره في دارفور.
إيهاب صديق-الخرطوم