غريب أمر الإعلام العربي الذي لا يتبنى استراتيجية مشتركة وموحدة الخطوط العامة الأساسية للتعريف بالقضايا العربية المصيرية اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا. وفي القضايا السياسية فرغم ما تتضمنه تصريحات الحكومات ورؤساء البلدان والاتفاقيات والتوصيات لمختلف المؤتمرات واللقاءات من نقط مهمة ذات الطابع العام والآني، فإن المستجدات الدولية السريعة تقتضي من الإعلام العربي وضع استراتيجية عامة تنص على كل ما يجب الالتزام به في كل القضايا، وفتح الباب في كل بلد للاجتهاد وفق الإمكانيات والظروف. ولكن للاستدراك والتأكيد في قضية القدس فإن الإعلام العربي الرسمي وغير الرسمي من أوجب واجباته أن يتناول قضية القدس بجدية ومهنية إعلامية لا لشيء إلا للتالي: لأن أغلب الشعوب العربية والإسلامية لا تعرف من القدس إلا مسجد قبة الصخرة، وذلك بحكم الأمية المتفشية، ولأن المؤامرات التي تحاك ضد القدس من أعداء العرب والمسلمين بالركوب على تأجيج العواطف لتحقيق تنازلات، من هؤلاء وهؤلاء سواء داخل إسرائيل أو البلدان الأخرى المعنية من بعيد أو قريب، وبالتالي إعطاء الفرصة لتسهيل مأمورية تحقيق "مواقع فتح" جديدة للقوى الاستعمارية في المنطقة. ولأن قضية القدس هي القضية الفاصلة في السلم في منطقة الشرق الأوسط وكذا الحرب لا قدر الله بحيث ستكون وبالاً على الجميع (أميركا وأوروبا وإسرائيل والعالم العربي والإسلامي ...) إلى درجة لا يمكن للتنبؤ العلمي أن يحصر انعكاساتها على أكثر من مستوى أو صعيد.
ولأن الذين يلعبون على الحبلين في قضية القدس لا همَّ لهم إلا مصالحهم الشخصية والذاتية الآنية، وللباقي العدم.
وفي كل ما ذكر فإن مسؤولية الشعوب والقوى الوطنية والتقدمية والمجتمع الدولي برمته مطالب أكثر فأكثر بمزيد من الحذر واليقظة، والوقوف ضد كل الذين يريدون تحوير مسار تحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وعلى الإعلام العربي تخصيص سنة دولية للقدس، وإذا لم يكن بالإمكان فعربية وذلك أضعف الإيمان، بحيث تتنوع فيها البرامج التنويرية (تحقيقات - مسابقات - ندوات - ريبورتاجات - تكريمات ... إلخ). وفي هذا فليتنافس المتنافسون.
عبدالحميد حادوش- فرنسا