الإصلاح من الداخل
يبدو أن الحديث عن الإصلاحات العربية في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية لا زال حديث الساعة بعد أن أظهرت دول العالم المتقدم اهتماماً واضحاً بهذا الموضوع. ووسط هذا الاهتمام الدولي نما الاهتمام العربي على مستوى القاعدة، وليس الهرم، وأصبح موضوع الإصلاحات مطلباً شعبياً لا يمكن التنازل عنه وإن أخذ وقتاً طويلاً كي ينضج ويؤتي ثماره.
لكن ثمة مسألة مهمة للغاية ونحن نتحدث عن الإصلاحات العربية مدفوعين باهتمامات دولية وضغوط أميركية لا تخفى على الشعوب العربية، وهي أن الإصلاح الآتي للعرب بضغط خارجي لا يمكن أن يتماسك ويكون بحجم التوقعات والطموح إلا إذا قوبل بدعم محلي وفكر داخلي خالص. لكن للأسف حتى الأحزاب السياسية العربية لا تعي أهمية دورها في هذا المجال، وهي تظن أنها مجرد فرصة تاريخية كي تملي على القيادات في بلدها بعض الأشياء التي لم يكن الحديث بها مسموحاً في وقت سابق، وأميل للاعتقاد بأن الضعف النسبي في الأداء الحزبي العربي سيبدو للعيان من خلال تفاعل هذه الأحزاب مع قضية الإصلاحات، لأن التعامل مع المسألة وفق المصالح الذاتية والمكاسب السياسية فحسب سيقود إلى الخطأ والزلل، وضياع الحقوق.
إن الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما نراها مسودة يحملها مبعوث أميركي للعرب لا يمكن أن تكون مفيدة لنا بحال من الأحوال... هي إصلاحات شكلية لا تتناسب مع مضمون مجتمعاتنا العربية، وإن كان ثمة حاجة ملحة لهذه الإصلاحات فلتأتي من الداخل، ووفق حسابات وطنية تطرح على مائدة مؤتمر عام تشارك فيه كافة الأطراف ويفتح فيه النقاش على مصراعيه للجميع ويتم في النهاية الوصول إلى صيغ مقبولة داخلياً للإصلاحات المطلوبة، بعيداً عن الشكليات والقشور.
حسان أبولمع - لبنان