في مقاله المنشور يوم الثلاثاء الموافق 31-5-2005 بصفحات وجهات نظر، تطرق الدكتور أحمد البغدادي إلى ظاهرة اعتقد أن كثيراً منا يلاحظها، وقد يعاني منها بصورة أو بأخرى، تتمثل هذه الظاهرة في اختفاء البسمة من على الوجوه لتحل محلها تعبيرات دالة على الشعور بالقلق والاكتئاب. والشيء الغريب أن سبب ذلك كما يقول الدكتور البغدادي ليس الصعوبات الاقتصادية التي تفاقمت في الدول العربية بعد أن فشلت معظم خطط التنمية التي تم تنفيذها فيها - إذا ما كانت هناك خطة تنمية في الأصل - كما لا يرجع إلى الظروف السياسية التي تمر بها الشعوب العربية في الوقت الراهن حيث مرت تلك الشعوب من قبل بظروف لا تقل قسوة عن تلك السائدة حاليا.
وأتفق مع الدكتور البغدادي في قوله إن ذلك يرجع في المقام الأول إلى غياب القناعة وانفجار الطموحات، والسعي الدائم وراء المادة. ففي الماضي كان كل شخص راضياً بحياته على الرغم مما كان يكتنف تلك الحياة من صعوبات، وعلى الرغم من أن الناس كان ينقصهم الكثير من الضروريات. من ضمن الأسباب التي أرى أنها تتسبب في ذلك أيضا ظهور حاجات جديدة غير حقيقية بتأثير الإعلانات التجارية التي لا تتوقف ليلا ونهارا في أجهزة الإعلام. فأصبحنا نرى مثلا شخصاً مصاباً بحالة اكتئاب لأن جاره لديه طبق لاقط للقنوات الفضائية وهو ليس لديه مثل ذلك الطبق، على الرغم من أن معظم القنوات الفضائية التي يتيح ذلك الطبق مشاهدتها إما متماثلة أو تافهة المضمون. أو نرى شخصا يشتكي مر الشكوى لأن جاره قد ذهب للمصيف، وهو لا يستطيع أن يذهب ولا يستطيع أن يسكت إلحاح أبنائه بل وشكواهم من عدم قدرته على توفير تلك الرفاهية لهم. إذن غياب القناعة كما قال الدكتور، مضافا إليه انفجار التطلعات والركض اللاهث وراء المادة، وغياب اليقين، علاوة على انسداد الأفق حيث لم نعد نرى مشروعات وطنية يلتف حولها الناس ويعلقون عليها أمالهم.
سعد عبد العليم- الشارقة