إذا تحولت طريقة تشكيل الحكومة العراقية المؤقتة الحالية، إلى قاعدة، فعلى العراق السلام، إذ سنكون، وقتها، أمام كارثة حقيقية. فهذه الطريقة التي اعتمدت الثالوث المشؤوم (المحاصصة والتوافق والفيتو) تؤسس لتفتيت النسيج الاجتماعي العراقي المنسجم، منذ آلاف السنين، وتزيد من قوة الانتماء العرقي والديني والطائفي، على حساب الانتماء للوطن. نعم، قد نقبلها كحل استثنائي لوضع استثنائي، نتجاوز به مرحلة استثنائية، أما أن تتحول إلى قانون وقاعدة ودستور وطريقة عمل ثابتة، فهذا ما يلزم أن يرفضه كل مواطن عراقي، حريص على العراق وشعبه.
وكحالة استثنائية، كان بالإمكان الاعتماد على الفائزين في الانتخابات، بالإضافة إلى من شارك فيها، وإن لم يفز، لأن مجرد مشاركته فيها، دليل على قبوله بقواعد اللعبة الديمقراطية، كما يقولون.
ليس بالضرورة أن يكون التوافق على حساب المبادئ والدم، إذ كان يمكن تحقيقه تحت قبة البرلمان، التي تحتوي على كل أطياف المجتمع العراقي. جوهر الديمقراطية، هو الإذعان لنتائج صندوق الاقتراع، أما جوهر المحاصصة والتوافق والفيتو، فهو، تجاهل عدد الأصوات المشاركة في أية انتخابات، وعدم الاكتراث بها، ما يعني أنها تلغي صندوق الاقتراع، ولا تعيره أية أهمية.
كذلك، فإن جوهر الديمقراطية، هو نظرية الأكثرية والأقلية، أما المحاصصة وأخواتها، فلا تعترف بهذه النظرية، لأنها في الأساس تلغي صندوق الاقتراع الذي يحدد دون سواه، هذه الأكثرية أو تلك الأقلية، وهو الأمر المعمول به في كل النظم الديمقراطية المتحضرة في العالم. على كل الفرقاء، أن يتركوا المراهنة على هذا الثالوث المدمر، ولابد لهم من تحدي الضغوط الدولية والإقليمية التي تمارس ضدهم، والتي تشجع على ذلك، فإن من مصلحة العراق أن يتم اعتماد نتائج صندوق الاقتراع في العملية السياسية وما يترتب عليها، مهما كانت، سواء وافقت الرغبات الذاتية أم عارضتها.
نزار حيدر- واشنطن