يبدو أن الولايات المتحدة، وربما بسبب المأزق الصعب، الذي تعيشه الآن في العراق، أو ربما لأسباب أخرى قد تكون خافية علينا، ارتأت التعامل مع الحركات الإسلامية سواء التي كانت تصنفها على أنها معتدلة أو تلك التي كانت تصفها بأنها متطرفة أو حتى إرهابية. فها هي قد فتحت قنوات للحوار مع حركة "الإخوان المسلمين" باعتبارها حركة ذات تواجد قوي في الشارع المصري، أو رقماً لا يمكن تجاهله في معادلة السياسة في هذا البلد، ثم سمعنا مؤخراً أنها تجري اتصالات مع حركة "حماس" التي كانت تصمها بأنها حركة إرهابية، وتسعى إلى إجراء مفاوضات معها، وخصوصا بعد أن توقفت الحركة عن عملياتها تقريبا وانخرطت في اللعبة السياسية، وحققت نجاحا ملموسا في الانتخابات المحلية التي جرت هناك كما ينتظر أن تحقق نجاحا مماثلا في الانتخابات البرلمانية القادمة نتيجة لما تتميز به من ثقل. وذلك كله يدل على أن الحركات الإسلامية على اختلاف أطيافها قد رسخت وجودها على الساحة في بعض البلدان العربية، وحصلت على شعبية كبيرة بسبب ما لجأت إليه من تقديم الخدمات الخيرية في مجال العلاج وفي مجال الرعاية الاجتماعية، بل وأحيانا في المجال التعليمي بمعنى أنها أصبحت تضطلع بدور هو في الأساس من صميم أدوار الدولة حتى وقت قريب. ونتيجة لهذا، وبعد أن أدركت الولايات المتحدة مدى نفوذ تلك الحركات ومدى انتشارها في الشارع العربي، فإنها أدركت أن الأسلوب الأفضل بالنسبة لها هو التعامل مع تلك الحركات والعمل على احتوائها بدلا من معاداتها بشكل سافر. والولايات المتحدة لا تقوم بذلك حباً في تلك الحركات، ولكن في سياق إزالة أو تحييد العراقيل، التي تقف في طريق تنفيذ خططها ومشروعاتها في الشرق الأوسط الكبير.
شوقي أبوزهرة- دبي