أعتقد أن مقالة الدكتور أحمد عبدالملك المنشورة في "وجهات نظر" يوم الخميس الماضي لفتت الأنظار بصورة جيدة لكتاب "سمك القرش والنورس البحري"، الصادر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث بدولة قطر. فهذا الكتاب يستحق القراءة بالفعل، وبتمعن شديد. ليس لأن مؤلفه شخصية سياسية مرموقة في فرنسا وفي أوروبا كلها، ولكن لأن الكتاب ينظر نظرة مختلفة لحلمنا الكوني ذي النزعة الإنسانية.
"دوفيلبان" يكشف الأفق المفاهيمي لخريطة العالم الثقافية والسياسية والاجتماعية، من خلال تماهيه وتقاطعه مع هويته الحضارية الفرنسية التي تتلخص في نقد أطروحة صراع الحضارات، لذلك يؤكد قناعته في أن "فرنسا لم تكن أكثر إخلاصاً لذاتها في أي يوم من الأيام إلا عندما كانت تتعلق بالقيم الكونية، وكانت تمتلك الجرأة لمعانقة الآخر والمختلف، ينبغي العلم بان بلادنا محمّلة برسالة أمل إلى البشرية، وهي قادرة على التخفيف من مشاعر الخوف والحقد عن طريق فتح آفاق العدالة، فهل صحيح كما يقولون إن فرنسا قوة وسطى، أو بلد عادي كبقية البلدان؟ لا، وإنما هي قوة تصنع نفسها من خدمة الشعوب، إنها منتظرة، تعلق عليها الآمال، ومسموع صوتها، إنها دولة مفعمة بقيم التسامح، والديمقراطية والسلام، إنها قوة تضع نفسها في خدمة القوة الكونية التي حملت رايتها ودافعت عنها على مدار القرون عن طريق السلاح وعن طريق القانون في آنٍ معا، وهي لا يمكن أن تعيش اليوم إلا بواسطة الاحترام المتبادل والحوار مع الآخرين".
أكثر ما لفت نظري في فكر رئيس الوزراء الفرنسي "دوفيلبان" قوله "هل حقبتنا لا تزال بحاجة إلى منقذين أو إلى رجال يملكون طاقة فوق طاقة البشر؟ أليست بحاجة إلى رؤى وطرق ونماذج تشكل عونا لوعي كل منا؟ إنها تبحث عن رجال يساعدونها على العبور إلى شطآن عصر جديد، وإلى مستصلحين كي تستطيع قراءة الآثار الدفينة في عمق الأعماق".
رافد سمرين- دمشق