قرأت مقال "هيلينا كوبان" المنشور يوم الإثنين على صفحات "وجهات نظر" حول ضرورة إقامة الديمقراطية في العالم العربي بصرف النظر عمن تأتي بهم إلى سدة الحكم. وفي الواقع أجدني أساند مثل هذا الطرح وأقف في صفه، لأنه في رأيي لا توجد ديمقراطية تمارس التمييز أو تُنصب نفسها وصياً على إرادة الشعوب تقرر نيابة عنهم وتحدد الأشخاص الأحق بإدارة البلاد. واستنتجت هيلينا كوبان أن الديمقراطيات في العالم المتقدم لم تقم إلا لتوفر منفذاً سلمياً لتصريف الاختلافات بشكل حضاري وإتاحة الفرصة للتداول السلمي للسلطة. غير أن هذا الطرح يلاقي معارضة، بل وتلكأ من قبل بعض الأنظمة الحاكمة في العالم العربي التي مازالت تشهر ورقة التخويف من صعود "الإسلاميين" إلى السلطة لإعاقة المطالب الشعبية أو الضغوط الخارجية المطالبة بتفعيل الديمقراطية.
صحيح أن ثمة مخاطر من وصول "الإسلاميين" إلى السلطة، لكن يجب هنا الإشارة إلى أن هؤلاء ليسوا برجال نزلوا من الفضاء بأنوف طويلة وبشرة خضراء، بل هم أناس يعيشون بين ظهرانينا، وانبثقوا من ذات المجتمع الذي خرجنا نحن من رحمه، لذا يمكن احتواء خطرهم بالطرق السلمية غير العنيفة.
وبعيداً عن التيارات الإسلامية المتشددة، فإن بعض الإسلاميين المعتدلين في بعض البلدان العربية ينتظمون في هيئات سياسية لها هياكلها التنظيمية والإدارية كأي حزب آخر. ويبقى الاختلاف الوحيد بين "الإسلاميين" وغيرهم من القوى السياسية كامناً في البرامج السياسية والتوجهات الأيديولوجية الخاصة بالتيارات الإسلامية والتي عادة ما تتعارض مع الاتجاهات السائدة.
لذا أعتقد أنه بالإمكان منح المعتدلين من هذه التيارات الفرصة كي يدخلوا ضمن العملية السياسية، على أن يقرر الناخبون بطريقة ديمقراطية مستقبلهم السياسي. واعتقد أن الشعوب العربية أصبحت على درجة من النضج السياسي تؤهلها لتقييم التيارات الإسلامية والحكم عليها، من واقع تجارب سيئة خاضتها رموز هذه التيارات في مصر والجزائر والسودان.
إبراهيم بولامي- الدار البيضاء