لا يخدعك العنوان عزيزي القارئ، فلن أتحدث عما يجري للحوامل من ولادة متعسرة تنتهي بموت الجنين أو تشوهه أو ربما موت الأم التي حملته تسعة أشهر وتحملت في سبيل ذلك وعثاء الوحام وكآبة الصحة وفي النهاية سوء الميلاد. لكنني سأربطكم مع مقال الأسبوع الماضي حول الإبداع. وقبل ذلك لماذا نحن بحاجة إلى الإبداع?، أليس الواقع جيدا? الجواب هو أننا في دولة الإمارات علمتنا قيادتنا السامية أنه لا مكان للجمود لأن الزمن لن يرحمنا. وعكس الجمود هو الإبداع الذي نحن بحاجة إليه، فتحديات اليوم ليست كالماضي، ومن هنا وجب على الأجهزة المختلفة في الدولة أن تتبنى سياسة الإبداع كي تكون عقول المديرين والموظفين متقدمة وسابقة للتحديات. بعد هذه المقدمة, دعوني أسوق لكم بعض الأمور التي أريد أن نفحصها في إداراتنا والمراكز المختلفة كي تصبح نقاط إبداع. فهذه الأمور لو وجدت فإنها تجعل عملية ولادة الأفكار الإبداعية مستحيلة إن لم تكن مشوهة، فما هي هذه العقبات?
لعل أهم عقبة تحول بين الناس والإبداع ما نعرفه بشبح المدير، فالناس على دين ملوكهم كما يقال، فإذا كان المدير لا يفكر إلا بطريقته التقليدية ويحمس الناس على اتباع خطواته في التفكير فإن هذا المدير قتل الإبداع لأنه حول العاملين معه إلى نسخ منه وهي نسخ مزورة وربما فاسدة. في الإدارة المبدعة يقوم المدير بالبحث عمن يخالفه الرأي كي يتفاكر معه وبمقدار ما يفكر الناس بطرق متباينة بالقدر الذي تحدث العملية الإبداعية في الحياة المهنية. دعونا نبتعد عن قول فرعون لقومه "ما أريكم إلا ما أرى" هذا هو شعار المدير قاتل الإبداع.
تخيل معي طبيبة نساء بدلا من أن تساعد الأنثى على إخراج الجنين للحياة تقوم بدفعه داخل رحم أمه كلما حاول الخروج، لا شك أن الجنين سيقتل وربما أمه كذلك. في حياة البعض منا ممارسات قريبة جدا من هذه العملية، فبعض المديرين ينقدون الفكرة لحظة ميلادها، قبل أن يتمها من يفكر فيها مما يؤدي إلى إجهاض الفكرة الإبداعية قبل ولادتها، كما أن هذه العملية تقود المبدع إلى الصمت الذي يغلب على العديد من المبدعين في العديد من إدارتنا، إنهم بيننا لكنهم آثروا الصمت لأن أفكارهم تقتل لحظة ميلادها.
المال كما يقال عصب الحياة ونحن نستخدمه في قتل الإبداع بطرق مباشرة وغير مباشرة، لو وجد في مقر العمل إنسان مبدع وآخر تقليدي، فان راتبهما في نهاية الشهر متساو وربما يحصل التقليدي على ترقية لأن مديره الذي يشبهه في التفكير راض عنه، مما يؤدي إلى قتل المبدع في هذه الإدارة أو تلك. الطريقة الثانية في قتل الإبداع عن طريق المال, وتكمن في عدم رصد المكافآت المناسبة للمبدعين وأنا هنا أقصد المكافآت المالية ليس مجرد الشهادات التي تعلق على الجدران وليس لها مردود مالي مناسب. ومن طرق قتل الإبداع ماليا أن نقول للمبدع فكرتك جميلة لكن المال المتوفر لا يتناسب معها، بدلا من ذلك كان الأولى بنا أن نبحث عن مصادر جديدة لتمويل المشاريع الجديدة، وقد أعجبت بمكافأة مالية قدمتها إحدى الإدارات في دولتنا لموظفة نجحت فكرتها في تطوير العمل في الإدارة.
هناك عقبات مردها إلى الإنسان المبدع نفسه منها قوله من أنا حتى أكون مبدعا أو قوله ليس في الإمكان أفضل مما كان. ومن المقولات القاتلة للإبداع قولهم مد رجلك على قدر لحافك. مثل هذه المقولات وغيرها قتلت الإبداع في دول كثيرة وأرجو شطبها من قاموسنا في الإمارات كي نقدم عملا مبدعا تولد فيه الفكرة الإبداعية ولادة طبيعية وليست قيصرية.