انطلاقا من محاولتي الإسهام في حل مشكلة الطاقة التي تعاني منها أميركا قمت بالتخلي عن سيارة" فورد إكسبلورر" ذات الثمانية سلندرات التي ظلت بحوزتي طيلة تسع سنوات، واستبدلتها بسيارة "سوبارو فوريستر" ذات الأربعة سيلندرات. ولكم أن تتخيلوا كيف حز ذلك في نفسي بعدما تعلقت كثيرا بسيارتي الأولى. لكنني أمام مشكلة الطاقة المتفاقمة قررت أن أضحي بها لكي لا أنعت باللامبالاة. وفي الواقع كانت سيارة "فورد إكسبلورر" هي من أحالت نفسها على التقاعد بعدما أصبح محركها يصدر صوتا مزعجا يرعب أصحاب السيارات الأخرى ويدخل إلى نفوسهم إحساسا بأن مدرعة عسكرية تقتفي أثرهم.
وفي أول جولة لي بسيارة "سوبارو" قمت بها خارج المدينة أعجبت بخفتها، حيث لم تستهلك خلال 25 ميلا سوى جالون واحد من الوقود وهو ما يوفر علي الكثير من المال، كما يوفر نحو 20% إلى 25% من الغاز بالمقارنة مع ما كانت تستهلكه سيارتي الأولى الإكسبلورر. ومع ذلك فإنني أعرف تمام المعرفة أنه مازال أمامنا الكثير من الجهد لنقوم به حتى تصبح الأجواء نظيفة وحتى ننهض بالتحديات التي يطرحها الاستهلاك المتزايد للولايات المتحدة من الطاقة، بالإضافة إلى التحدي الأكبر والمتمثل في المنافسة العالمية المحتدمة على إمدادات الطاقة.
وأبلغ مثال على هذا التنافس في ميدان الطاقة العالمي هو ما تعرفه اقتصاديات الصين والهند اللتين بدأتا تسجلان نموا مطردا نتيجة تعطشهما إلى استهلاك كميات هائلة من النفط. وهما تقومان حاليا بعقد صفقات للحصول على المزيد من الطاقة أينما وجدت واضعتين ضغوطا كبيرة على الطلب العالمي من موارد الطاقة. هذا الطلب المتزايد على الطاقة من قبل القوى الاقتصادية العالمية أكده بصورة واضحة وزير الطاقة الأميركي السابق في أحد المؤتمرات التي نظمها المعهد الأميركي للشركات عندما توقع أنه بحلول سنة 2025 سيتضاعف الطلب العالمي من 84 مليار برميل من النفط في اليوم إلى ما بين 121 و130 مليار برميل في اليوم. هذا بالإضافة إلى أن الطلب العالمي على الكهرباء سيكون قد ارتفع بنسبة 100% إلى 125%، أما الغاز الطبيعي فسيرتفع الطلب عليه إلى 67%.
وفي أحسن الأحوال يبقى الحل بالنسبة للولايات المتحدة إزاء الطلب العالمي المتصاعد على مصادر الطاقة هو تحقيق الاكتفاء الذاتي من النفط الأجنبي. ولتحقيق ذلك ربما ستشهد دببة الألسكا الآمنة في مناطق عيشها اجتياح آلات التنقيب عن النفط. لكن حتى ذلك الحل غير كاف لتلبية احتياجات الطاقة لبلد يستهلك كميات أكبر بكثير مما يستطيع إنتاجه. فبالرغم من أن احتياطي النفط الأميركي ضئيل جدا لا يتعدى نسبة 3% من إجمالي الاحتياطي العالمي، إلا أن أميركا تستهلك 25% من الإمدادات العالمية المتوفرة من النفط.
وطالما ظل العشق الأميركي للسيارات التي تعمل بالبنزين مستمرا، فإن الولايات المتحدة لن تستطيع الاستغناء أبدا عن النفط الأجنبي. بيد أن الحكومة بمقدورها أن تطالب مصانع السيارات بالرفع من فاعلية منتجاتها الجديدة عن طريق سن قواعد صارمة تفرض عددا محدودا من الأميال لكل جالون واحد من البنزين، لاسيما بالنسبة لبعض الأنواع من السيارات ذات الاستهلاك المرتفع للوقود. كما يمكن للحكومة أن ترفع من ضريبة البنزين وذلك لتشجيع المصنعين على تصميم سيارات لا تستهلك الكثير من الوقود. إلا أنه مع الأسف لن تلاقي هذه التدابير، وخصوصا مسألة رفع الضرائب، قبولا شعبيا واسعا. فالمعلوم أنه بالرغم من ارتفاع أسعار البنزين في الفترة الأخير إلا أن سعر بيعه في الولايات المتحدة مازال منخفضا بصورة ملحوظة، بل وأرخص من سعره في العديد من الدول.
وإزاء الارتفاع الذي شهدته أسعار النفط مؤخرا، إذ بلغ سعر البرميل الواحد 50 دولارا واحتمال تواصل ارتفاعه أكثر، قامت مصانع السيارات بطرح سيارات مهجنة تعمل بمحركات كهربائية بدل المحركات التقليدية التي تعمل بالبنزين. وميزة هذا النوع الجديد من السيارات أنه يقتصد أكثر في الوقود وهو ما رفع الطلب عليها في سوق السيارات، خصوصا في بعض الأوساط التي بدأت تعي الأخطار المحدقة بالبيئة جراء الاستهلاك المفرط للوقود. ومع ذلك لم ينخرط العديد من صانعي السيارات تماما في التقنية الجديدة للسيارات المهجنة بانتظار أن تثبت فاعليتها في السوق. وتجدر الإشارة إلى أن هناك اهتماما متزايدا بدأ يتجه نحو البدائل الأخرى كالديزل والغاز الطبيعي والإيثانول غير أن هذا الاهتمام تعوقه مشكلة التزود بهذه الأنواع الجديدة من الوقود, نظراً إلى سهولة القيام بذلك في حالة البنزين حيث محطات التزود به منتشرة في كل مكان.
وفي محاولة جديدة للتغلب على مسألة الاعتماد الأميركي على النفط الأجنبي يقوم صانعو السيارات بإنفاق مبالغ مهمة على الأبحاث العلمية لتطوير نوع جديد من السيارات تعمل بالهيدروجين، حيث لاقت هذه المبادرة دعما شخصيا من الرئيس بوش. وستستمد هذه السيارة طاقتها من خلية وقود تعمل كمحرك يقوم بدمج الهيدروجين مع الأوكسجين لتوليد الطاقة الكهربائية. وتتميز هذه التقنية الج