الشريط الأخير الذي بثته قناة الجزيرة بصوت أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، يثير التساؤل لدى المهتمين بتوجهات وأنشطة الإسلام السياسي ، وجماعات الجهاد المسلح · لكن في نظري يجب أن لا نذهب بتحليلاتنا بعيداً عن المغزى الحقيقي لذلك الشريط· فالشيخ أسامة كما يناديه أنصاره (وما أكثرهم في العالم العربي ذي التوجهات الموسومة بالتطرف)، أراد فيما يبدو ألا يفقد مساحته التي استأثر بها من الاهتمام في الإعلام العالمي، منذ تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر والتي اعترف بمسؤوليته عنها· وعلى رغم المخاطر الواضحة التي يحملها تصوير بن لادن والظواهري في أماكن يمكن للأميركيين تحديدها بسهولة، فإنهما آثرا العودة مجدداً إلى صدارة الأخبار والتعليقات في وسائل الإعلام· وليس الغرض لديهما من ذلك هو مجرد توجيه رسالة إلى الولايات المتحدة والقول إنهما على قيد الحياة وإن تنظيمهما أبقى على قيادته على رغم الضربات الموجعة التي لحقت به، ولكن الأمر يتعلق بنمط ثقافي يعطي الأولوية للمتخيل على الواقع وللوهمي على الحقيقي· فالحديث الإعلامي المتواصل عن بن لادن و القاعدة ، هو الأمر الوحيد الذي يعوض وجودها الواقعي المنتهي فعلاً، وهذا في الوقت ذاته يرضي جزءاً كبيراً من عواطف الرجلين ويستجيب لثقافتهما ذات الميل إلى تصوير واختلاق بطولات أسطورية ليس لها من الواقع أو العقل أي نصيب يذكر·


 يوسف حبايبي - الأردن