سلاح إرهابي جديد
دائرة مفرغة من العنف والقتل والدمار يدور فيها العالم بلا هوادة ولا رحمة وكأنها مأساة من الطراز الإغريقي تتكرر بحذافيرها في بقاع شتى من الأرض· فمن حرب الى أخرى ومن معركة للثانية ومن مذبحة لكارثة ومن محنة الى مأساة· وهكذا دواليك·
صورة قاتمة ومروعة تؤرق مضجع الآمنين، هذا إن بقي هناك آمنون فعلاً·· فصور الدمار والقتلى والجرحى والكوارث تحاصر الناس أينما ولوا، بل تحولت معاناة الناس في أقصى حد لها الى مادة تتنافس عليها الصحف ومحطات التلفزيون·
الا أنه ويا للغرابة يوجد على وجه الأرض من يرتوي بدماء الأبرياء ويتنفس دخان البارود والقنابل· وهؤلاء لا تنقطع شهيتهم للدماء، وقد وجدوا في العراق المسكين مأوى ووكراً يعيثون فيه فساداً على حساب أرواح الأبرياء من أبنائه· فحولوا بلاد الرافدين الى ما يشبه شاشة عرض لمآس مفجعة تبدو وكأنها خارجة من أعماق التاريخ·
ولم يعدم هؤلاء الوسيلة في التنكيل بالعراقيين وإذلالهم وتحويلهم الى وقود لمحرقة هائلة أقاموها على ضفاف دجلة والفرات·
من المتفجرات، للسيارات الملغومة، للأحزمة الناسفة ·· أسلحة عديدة وكثيرة استخدمها القتلة المجرمون في العراق لبث الفوضى والذعر··· وها هم أخيراً يلجأون لسلاح جديد ·· الكلمة·· نعم الكلمة·
إن كلمة واحدة صرخ بها إرهابي مستتر وسط الآلاف من زوار مرقد الإمام الكاظم على جسر الأئمة أمس الأول قتلت -في غمضة عين- من العراقيين ما يفوق ضحايا الحرب· مجرد كلمة· وإنها والله لطريقة إنما تكشف أكثر ما تكشف عن مدى وضاعة أولئك المجرمين وخستهم وحقارتهم·
إن كل ما يرتكبه الإرهابيون من جرائم في العراق ليس له الا عنوان واحد وواضح ·· الحرب الأهلية·
إنهم يزرعون بذورها ويروونها بدماء الأبرياء من الشيعة والسنة على حد سواء· وكلما زاد عدد القتلى واستفحلت المأساة وتعمقت الجروح وتقيحت، زاد أملهم في أن يقتتل العراقيون فيما بينهم ليضيع العراق الى غير رجعة·
هذا هو ما يرمون اليه· انهم لا يريدون العراق للعراقيين، بل يريدون العراق للدمار والقتل والنهب والخراب·
وهذا ما يفسر كل هذه الوحشية في الجرائم التي يرتكبونها بلا هوادة· الا انه يتعين على العراقيين ان ينتبهوا لذلك وألا يعطوا لهم الفرصة لتحقيق مرادهم·
ولابد من وقفة واحدة من السنة والشيعة والأكراد وكل العراقيين لكي يتفهموا طبيعة الموقف على حقيقته وألا يجروا وراء أوهام ستقودهم للهلاك· ولن تنفع الاطماع الصغيرة والمصالح الضيقة التي قد تغري البعض بهذا الموقف أو ذاك أصحابها، بل ستضرهم مع الجميع وبالتالي سيخسر الكل·