كارثة إنسانية
حجم الكارثة الرهيب الذي بدأ يتكشف في أعقاب الإعصار ''كاترينا''''تسونامي الجديد'' الذي ضرب السواحل الجنوبية الشرقية للولايات المتحدة الأميركية القريبة من خليج المكسيك والتي كانت في عين الإعصار وخلف دمارا واسعا وكارثة إنسانية بكل المقاييس، يشير إلى أن التقديرات الأولية لحجم الخسائر والتحذيرات التي لم يأخذها السكان على محمل الجد رغم نزوح مئات الآلاف من مساكنهم وغرق مدن تحت الماء مثل نيواورليانز ولويزيانا، لم تكن صائبة وخرجت المعلومات والتقديرات الأولية في اليوم الأول للإعصار عن 07 قتيلا وأضرار مادية بمئات الملايين وكان التحرك حتى في عمليات الإنقاذ والمساعدات في بدايات الكارثة على قدر هذه المعلومات الأولية غير الدقيقة ·
اليوم تكشفت أرقام مرعبة تشير إلى الحجم الحقيقي للكارثة التي ضربت سواحل الولايات المتحدة والتي تقول إن حجم ضحايا الإعصار قد يتجاوز العشرة آلاف قتيل ''على الأقل في لويزيانا فقط، والخسائر المادية الأولية قد تفوق المئة مليار دولار أميركي، وأكثر من مليون مشرد فقدوا المأوى وأكثر من 300 ألف شخص ينتظرون الإجلاء، بالإضافة إلى البنى التحتية التي دمرت تماما والمدن التي لم تعد تصلح للسكن مرة أخرى بسبب شدة الإعصار والدمار الرهيب الذي خلفه وراءه·
المشهد المأساوي الذي تكشف يوم أمس أصاب الولايات المتحدة الأميركية والعالم بالذهول والصدمة فغضب الطبيعة لا يفرق بين غني وفقير وقوي وضعيف، وخرج الرئيس الأميركي جورج بوش لتفقد المناطق المنكوبة بعد تكشف حجم الكارثة معلنا قبول الولايات المتحدة الأميركية تلقي المساعدات من جميع الدول لمواجهة حجم الكارثة غير المتوقع، في الوقت الذي توقع فيه خبراء الأرصاد والأعاصير أن إعصار ''كاترينا''''تسونامي أميركا ''بلغ منتصفه فقط وهناك فرصة بنسبة 34% لهبوب إعصار كبير آخر على الساحل الأميركي في الشهر الحالي·
صحيح أن إمكانيات الولايات المتحدة كبيرة وعظيمة ولكن حجم الكارثة المأساوية الذي حول العديد من المدن بين عشية وضحاها إلى أثر بعد عين يفوق إمكانات أي دولة في العالم مهما كانت خصوصا وأن آثار الإعصار تجاوزت الولايات المتحدة الأميركية وأثرت على الشريان الرئيسي للحياة في العالم ''النفط'' الذي حققت أسعاره أرقاما قياسية وتراجعت امداداته مع توقف العديد من المصافي في الولايات المتحدة الأميركية وتوقف الإنتاج في العديد من حقول النفط في خليج المكسيك·
مثل هذه الكوارث الكبيرة التي تفوق طاقة البشر وإن ضربت في بلد لكن آثارها تمتد الى العالم كله الذي تحول الى قرية كونية صغيرة ترتبط بمصالح مشتركة كثيرة وبضمير إنساني لا يفرق بين غني وفقير والتجاوب الدولي مع دعوة الرئيس الأميركي جورج بوش يوم أمس يؤكد أن العالم الذي صدم بحجم الكارثة يقف ليؤازر الشعب الأميركي في هذه المحنة حتى يتجاوزها ويتغلب على أثارها في أسرع وقت·