تسير السلطة الوطنية الفلسطينية بخطوات حثيثة نحو إنجاز الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة بهدوء ودون إراقة المزيد من الدماء، وقد نجحت السلطة سياسياً في حشد التأييد العربي والدولي لهذا الإنجاز غير المسبوق الذي حققه الشعب الفلسطيني بكافة شرائحه وفئاته من انتفاضة أطفال الحجارة في الثمانينات إلى انتفاضة الأقصى، وبدماء الشهداء والتضحيات على مدى أكثر من نصف قرن، وغزة هي الخطوة الأولى على طريق اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وهذه الخطوة التاريخية التي أنجزها الشعب الفلسطيني في ظل الظروف الدولية الراهنة "بالغة التعقيد" تحتاج إلى المزيد من التكاتف والتضامن بين أبناء الشعب الفلسطيني، والفصائل الفلسطينية لتعزيز دور السلطة الوطنية الفلسطينية المنتخبة في المضي قدما في هذا الطريق الطويل والشاق والحرص على تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية بعيداً عن أجواء التوتر والتحريض والتحزب الذي يقود الساحة الفلسطينية إلى الانزلاق في دوامة الفتنة والمواجهة بين أبناء الشعب الواحد، فالمعركة القادمة هي معركة البناء والتعمير والإنجاز المدني والاجتماعي والاقتصادي وبناء المؤسسات وليس استعراض القوة والانحياز لمصالح آنية وشخصية وفصائلية لا تخدم الشعب الفلسطيني الذي ينتظر أن يحصل على أبسط حقوقه المشروعة في الأمن والاستقرار والحياة والتعليم والصحة· الاحتلال الإسرائيلي ينسحب من قطاع غزة وقد تركه مدمراً يفتقر إلى البنية التحتية الأساسية ودمر المؤسسات الصحية والتعليمية والتجمعات السكنية·
الشعارات واستعراض العضلات لا تبني ولا تعمر ما دمره الاحتلال بل تضع قطاع غزة الذي يحتاج إلى أكثر من تسعة مليارات دولار لاعادة تأهيله على فوهة بركان وخراب جديد، وتنسف الإنجاز التاريخي الذي حققه الشعب الفلسطيني وتغتال طموحات وآمال الشعب الفلسطيني في غد أكثر أمناً واستقراراً·
نأمل أن تتفهم جميع الفصائل والقوى الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة أن الطريق إلى بناء الدولة الفلسطينية لايزال طويلا وشاقا ووعراً ويحتاج إلى سواعد كل الفلسطينيين والقوى الوطنية لعبور هذه المرحلة الدقيقة والحساسة في تاريخ الشعب الفلسطيني لبناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف·