الجدل الدائر حول الدستور العراقي الجديد يضع الساحة العراقية أمام تحديات جسام. ما يلفت الانتباه في عملية صياغة مسودة الدستور هو الاستعجال وعدم منح كافة أطياف الشارع العراقي الوقت الكافي لبناء توافقات عامة من خلالها يحقن العراقيون دماءهم، ويبدؤون مرحلة جديدة في تاريخهم السياسي والاقتصادي.
هذا الاستعجال تحاول الولايات المتحدة تبريره بأنه يقطع الطريق على قوى التمرد، ويمنعها من تدمير عملية التحول السياسي، لكن هذا الاستعجال قد يفضي إلى دستور لا يحظى باتفاق العراقيين، بل يمكن أن يتحول الدستور الجديد إلى مادة جديدة للجدل، أو إلى مبرر جديد للتناحر بين العراقيين. المهم أن يتجاوز العراقيون خلافاتهم، مهما كلفهم هذا من وقت، لأن تمرير دستور مثير للجدل قد يقود العراق إلى حرب أهلية تفاقم من معاناة العراقيين وآلامهم.
الاستفتاء على الدستور المقرر إجراؤه في منتصف أكتوبر المقبل، ربما يضع العراق برمته أمام مأزق كبير، هو إعادة صياغة الدستور من جديد، والعودة إلى المربع الأول، وهو سيناريو نتمنى ألا يقع.
ومن المفروض أن يتم اختيار موعد صياغة الدستور وتوقيت الاستفتاء عليه من خلال العراقيين أنفسهم، لا حسب أجندة أميركية، الغرض منها فقط تبييض وجه إدارة بوش، وتقديم "نجاحات" عراقية وهمية والترويج لها في وسائل الإعلام الأميركية. التوصل إلى توافقات سياسية عراقية أمر يحتاج إلى مزيد من الوقت ومن غير المنطقي الاستعجال في مسألة مصيرية كالدستور.
أيمن خلف- دبي