انتهت الحملة الانتخابية المصرية بنجاح يوم أمس بعد فرز الأصوات التي أظهرت تقدم الرئيس محمد حسني مبارك، وتفتح هذه التجربة الديموقراطية الباب واسعاً لمرحلة سياسية جديدة في مصر تحمل في طياتها مضامين جديدة على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية· المتابع لحملة الانتخابات الرئاسية المصرية منذ بدئها يلحظ جلياً أن الأداء سواء للحزب الوطني الحاكم أم الأحزاب التي خاضت الانتخابات بمرشحين ينافسون على مقعد الرئاسة المصرية كان مختلفا وحمل معه خطابا جديدا سواء لجهة استقطاب الناخبين أو في طرح البرامج الانتخابية التي رفعت شعارات اقتصادية واجتماعية وسياسية مختلفة جميعها تصب في تدعيم القنوات الديموقراطية وحرية الرأي والتعبير وإنعاش الحالة الاقتصادية التي تواجهها مصر في المرحلة الراهنة· وظهر الرئيس المصري محمد حسني مبارك مرشح الحزب الوطني الحاكم خلال حملته الانتخابية التي أدارها فريق متخصص تلقى التدريب في المملكة المتحدة وفريق أكاديمي من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة بصورة جديدة ومختلفة وقام بجولات في القرى المصرية من شمالها إلى جنوبها لاستقطاب الناخبين وضمان الفوز الكاسح على منافسيه·
لأول مرة تعيش مصر هذه الأجواء الانتخابية الديموقراطية بعد أن قبضت القوى العسكرية على الحكم قرابة نصف قرن غاب خلالها الرأي الآخر تحت مسميات ومبررات مختلفة، حالة جديدة لم تشهدها مصر من قبل، انتخابات مباشرة ومرشحون حزبيون يتنافسون على مقعد الرئاسة ثقافة جديدة يجب التوقف عندها والاستفادة من دروسها، تضع أسسا لمسيرة جديدة بعد عقود من ثقافة ''الاستفتاء'' للإجابة بنعم أو لا على الرئيس المرشح الأوحد الذي يختاره مجلس الشعب·
الانتخابات المصرية بكل ما لها وما عليها بالتأكيد وضعت نهاية لمرحلة تداول السلطة في مصر وأرست أسسا لمرحلة جديدة من العمل السياسي قاعدته الأساسية الشعب والحريات والديموقراطية بمفهومها الواسع والشامل والتي ترسخ ثقافة التسامح وقبول الآخر واحترام القانون ومحاربة الاستبداد والفساد والمحسوبية والتعصب وتؤكد في ذات الوقت النزول عند رغبة الشعب وخدمته وتحقيق متطلباته وتطلعاته في العيش الكريم، هذه هي المفاهيم الأساسية للانتخابات كثقافة تجسدها صناديق الاقتراع والنتائج التي تفرزها تعكس إرادة الشعب وخياره لمن يلبي تطلعاته ويعبر عن ضميره ويثق في وعوده وقدرته على إدارة البلاد والسير بها إلى مرافئ الأمن والاستقرار والتنمية·
لا شك أن التجربة الانتخابية المصرية جسدت التقاليد السياسية والرصيد الكبير الذي تتمتع به من التعدد والحرية وقبول الآخر والاستقرار ما يؤهلها للمضي قدماً بهذه التجربة والبناء عليها بثبات وثقة نحو المستقبل وجني ثمار هذا المناخ الصحي·