تقدمت مجموعة من رجال الأعمال بالدولة بطلب إلى الجهات الرئيسية لتأسيس مصرف صناعي، في إطار توجهات جديدة بدأت تتبلور ملامحها مؤخراً لدى العديد من البنوك لتقديم خدمات ذات طبيعة إنتاجية تتجاوز مفهوم الإنفاق الاستهلاكي إلى تمويل احتياجات أساسية لدى العملاء مثل التعليم والعلاج وغيرها من الخدمات الضرورية التي لم يطرقها القطاع المصرفي من قبل، بل وإن قطاع القروض الشخصية نفسه بدأ يتحول نحو مزيد من التنظيم، بعدما عانى خلال السنوات الماضية من مشكلات عديدة أبرزها رفض المحاكم لبعض القضايا التي ترفعها البنوك على المتعثرين في سداد القروض لعدم توازن القرض مع دخل المدين.
وفي ظل زيادة عدد المصارف المحلية والأجنبية العاملة في الدولة، وتشبع القطاع المصرفي، والمنافسة التي تزداد حدة بين هذه المصارف، تظهر أهمية دور المصارف في التنمية كقطاع تمويلي يلعب دوراً حيوياً ومهماً في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وخاصة دعم المشاريع الصغيرة، خلال المرحلة المقبلة، من خلال حشد المدخرات الوطنية وإعادة توجيهها لتمويل الاستثمارات في القطاعات الاقتصادية المنتجة، وبما يسهم في إحداث تنمية اقتصادية مستديمة وذاتية التمويل. ولكن نجاح القطاع المصرفي في خدمة التنمية الاقتصادية رهن بتحقيق عدد من الشروط الواجب توافرها منها، التطوير المستمر للآليات والأدوات التمويلية لهذه المصارف وارتفاع كفاءتها من ناحية تعبئة واستخدام مواردها المالية وبما ينعكس على معدلات ومستويات أرباحها المحققة.
وإذا كانت هذه المصارف تتمتع الآن بمزايا تنافسية نسبية، فإنها وفي ظل تحرير القطاعات المصرفية والمالية التي تفرضها اتفاقات التجارة الحرة ومنظمة التجارة العالمية، ستواجه مصاعب جراء التصاعد المتوقع في المنافسة المحلية والدولية، مما يحدث تآكلا على حصصها في السوق في مرحلة أولية، وفي النهاية ستضر بأدائها. فلا توجد مبررات اقتصادية لوجود هذا العدد الضخم من المصارف الوطنية في الإمارات، بلغ بنهاية العام الماضي 22 مصرفاً، بينما بلغ عدد المصارف الأجنبية العاملة في الدولة 25 مصرفاً، ليرتفع العدد الإجمالي للمصارف في الإمارات إلى 47 مصرفاً، تتباين تباينا كبيرا من حيث أحجامها. ومن هنا فإن الأنظمة المصرفية المحلية ستكون مضطرة للاندماج حيث إن الحجم سيكون مهما بصورة متزايدة. وفي ظل الطلب المتزايد على التمويل، فإن محدودية حجم أغلبية المصارف المحلية تمثل عائقا أمام جهودها في تمويل مشروعات التنمية. وهو ما يتطلب من "مصرف الإمارات المركزي" خلال الفترة المقبلة أن يقوم بجهود إضافية لتطوير آليات العمل المصرفي والمالي، وذلك من خلال العمل على تهيئة المناخ لدمج المصارف المحلية المختلفة بما يعزز دور القطاع المصرفي في التنمية بكل جوانبها. فالاندماج يحقق وفورات في التكلفة الإدارية والتشغيلية وتطوير المنتجات المصرفية وتعزيز الأصول والقاعدة الرأسمالية وتعزيز القدرة على مواجهة المخاطر المصرفية وتقوية المراكز المالية والسوقية والقدرة على تمويل صفقات أكبر وتحسين التقييم الائتماني المحلي والعالمي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية