وسط الحديث العربي الواسع عن التكنولوجيا وأهمية استخدام الإنترنت في إدارة الموارد لكافة المؤسسات الحكومية، يبرز السؤال عن إهمال لا مبرر له للموارد البشرية بمعزل عن التقنية والكمبيوتر بصورة أساسية. فالإنسان هو أساس البناء وليس الآلة، وإذا كانت بعض الحكومات العربية قد ركزت في الآونة الأخيرة على التدريب التقني والإلكتروني، فهي غير ملومة، لكن اللوم يقع عليها عندما لا تعود تهتم، كما كان في السابق، بتدريب الموظفين على أسس التعامل وإدارة الذات.
إن من يراجع الدوائر الرسمية التي تحولت إلى دوائر إلكترونية في تنفيذ المعاملات ويشاهد الموظفين وهم منهمكون في العمل مع الكمبيوتر دون الاهتمام بخدمة المراجعين بالصورة اللائقة، بحجة أن الكلمة الأخيرة في تنفيذ المعاملة بيد هذه الآلة، يشفق على هؤلاء الموظفين وعلى نفسه. فغالباً ما يتعطل جهاز الكمبيوتر وبالتالي لا يتمكن هذا الموظف من عمل شيء للمراجعين، وإذا كان الموظف من أصحاب الضمائر الحية، فإنه يلاطف المراجع بكلمات طيبة، أما إذا كان عكس ذلك فإن الجملة الوحيدة التي سينطق بها هي: الكمبيوتر قال كلمة الفصل وما باليد حيلة.
الكمبيوتر ليس كل شيء يا أيها المؤمنون بقدراته الخارقة، وهو مجرد جهاز لا يغني عن تدريب الموارد البشرية وتأهيلها للعمل في حالة تعطله وعدم الاعتماد الكامل على الآلة، فقد ملّ الناس من ضعف البشر أمام الآلة، وفقدان الحيلة للاستغناء عنه في حال نكوصه.
يجب العودة إلى الاهتمام بتأهيل العنصر البشري بغض النظر عن التكلفة والتعب والوقت، ففي النهاية لن يتمكن أحد من الاستغناء عن العقل البشري مقابل الحصول على آلة لديها حجم معين من الاستيعاب والسعة، في حين أن قدرة الإنسان المدرب والمؤهل مهنياً لا حدود لها.
علا باطا- دمشق