على اثر كل عملية إرهابية جديدة أو منازلة مع التطرف، تعود إلى واجهة النقاش الفكري والسياسي الدائر مسألة الصراع ضد الإرهاب، وما إذا كان صراعا أمنيا وبوسائل عسكرية واستخباراتية فحسب، أم أنه بالدرجة الأولى صراع في وجه الأفكار الدينية التي تنتج أفعالا متطرفة وشديدة العنف؟
وبقدر ما تعكس موسمية الاهتمام بآفة الإرهاب وسبل مكافحته، حقيقة افتقار الدول العربية إلى استراتيجية واضحة في هذا الخصوص، فإن كل الأطروحات والنظريات السائدة لتفسير ظاهرة الإرهاب أظهرت تخبطا كبيرا في فهم أسبابه وعوامله، فتارة تعلله بأسباب اجتماعية مثل الفقر وتخلف النظام التعليمي، وتارة أخرى تربطه بعوامل سياسية مثل سيادة الاستبداد والتسلط الخارجي، وتارة ثالثة نفسره ثقافيا بذكر الفتاوى الدينية والتفسيرات المتشددة للإسلام، وتارة أخرى نعتقد -وذلك انطلاقا من نظرية المؤامرة- أن الإرهاب هو السبب والنتيجة معا في الدور التخريبي لتنظيمات عنيفة وافدة من وراء الحدود! وفي كل الحالات لم نقدم إلى الآن تفسيرا مقنعا لهذه الظاهرة، وبالأحرى لم نتوصل إلى علاجها على نحو يقينا شر تهديد خطير يواجه الحاضر والمستقبل، لذلك باتت التنمية الاقتصادية والتطور السياسي ومكتسبات التحديث الاجتماعي.. كلها على محك اختبار جاد وحقيقي الآن في عالمنا العربي!
محمد العنزي- السعودية