تقدمت المملكة العربية السعودية إلى الأمين العام للأمم المتحدة وحكومات الدول المشاركة في المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب بمقترح استصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتبني إعلان الرياض الصادر عن المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب، والتوصيات الصادرة عنه خاصة المقترح المقدم من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب. وتجدر الإشارة إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي قد وافقت في اجتماعها في جدة الأسبوع الماضي على المقترح السعودي ودعت إلى تشكيل فريق عمل لدراسة هذا الاقتراح بإشراف الأمم المتحدة. إننا نرحب بفكرة إنشاء المركز ونرى أنها ضرورية ومهمة، لكن لدينا بعض التساؤلات التي نود طرحها حتى تتضح الصورة أكثر.
التساؤل الأول: توجد لجنة الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والإنتربول والمراكز الإقليمية، إذن ما هو دور المركز الجديد؟! سمو الأمير سعود الفيصل يرى أن دور المركز هو زيادة فعالية هذه الآليات، وذلك من خلال تطوير تبادل المعلومات بين المراكز الوطنية والإقليمية المختصة بين الدول، وتعقب واعتراض تحركات الإرهابيين وتنظيماتهم وتبادل التقنيات الضرورية وبرامج مكافحة الإرهاب منها، وذلك فضلاً عن أن المركز الدولي المقترح لمكافحة الإرهاب يهدف إلى التعمق في جذور هذه الظاهرة ومعالجتها فكرياً. هذه المهام التي تم ذكرها تقوم بها دول المنطقة بالتنسيق مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة.
التساؤل الثاني الذي نود طرحه: ما هو دور دول الخليج العربية في المركز الجديد؟ هل ستلعب دوراً فعالاً فيه؟! وخصوصاً أن جذور الإرهاب نبعت في منطقتنا. بمعنى آخر، هل الإرهاب ظاهرة دولية أم أنه ظاهرة إسلامية منبعها الأصلي محلي؟ فالحركات الجهادية السلفية ليست أجنبية بل جذورها راسخة في بيئتنا العربية الصحراوية. هؤلاء الشباب الجهاديون ليسوا أفغاناً أو إيرانيين أو إندونيسيين أو أوروبيين أو أميركيين مسلمين، هؤلاء الشباب الجهاديون عرب- مسلمين- سُنة في معظم الحالات ولدوا في الجزيرة العربية وتعلموا في المدارس الحكومية، ويؤدون صلاتهم وعبادتهم في مساجد الدولة المحلية ويسمعون خطب التحريض والكراهية ضد الغير من المسلمين. هؤلاء الشباب منا وفينا يحملون مشاريع لتحرير العالم. لذلك لا غرابة أن نجد شبابنا الخليجي ومعظمهم من السعودية، ينخرطون في العمليات الجهادية حاملين رايات الجهاد في كل بقاع المعمورة مثل أفغانستان والشيشان والبوسنة والهرسك، واليوم نقلوا عملياتهم الجهادية إلى العراق مما يمهد الأرضية الخصبة لعمليات جديدة في بلداننا الخليجية، وقد بدأت هذه العمليات في الكويت والسعودية.
التساؤل الثالث الذي نود توجيهه لقادتنا في الخليج قبل إنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب: تعلمون أن موقف تيارات الإسلام السياسي، خصوصاً الجماعات السلفية في دول الخليج والسعودية بالأخص، يعارض ويرفض التواجد الأجنبي في منطقتنا ويرفضون الاستعانة بالقوات الأجنبية، هذا الموقف لم يتأسس على خلفية سياسية تنبع من حاجة دولة صغيرة لحماية الدول العظمى لتحقيق الأمن والاستقرار، رفض الجماعات الدينية للتواجد الأجنبي ينبع من قاعدة دينية حسب رؤيتهم ومنظورهم الديني، تفوح منها الكراهية الشديدة للأمم والمجتمعات الأخرى والمصنفة على أنها كافرة أو مشركة. الإشكالية التي ستواجه دول الخليج في مشروعها لإنشاء المركز لمحاربة الإرهاب، ترتبط بكيفية شرح العلاقة بين الدين والدولة، بمعنى أن الحكم السعودي طوال تاريخه الطويل كانت المؤسسة الدينية الوهابية هي عماد النظام، فهل يمكن فك الارتباط بين المؤسسة الدينية مع الخط السياسي الحكومي؟!
ما نحتاج إليه اليوم هو وقفة مع الذات ونقدها، نحن عرب الخليج المسؤولون عن أحداث 11 سبتمبر والأعمال الجهادية في معظم أرجاء المعمورة. الإسلام يواجه عملية تشويه واسعة النطاق خصوصاً بعد العمليات الأخيرة في لندن وشرم الشيخ والرياض، ويكمن الحل في وقفة مع الذات ونقد ذاتنا وكشف سلبياتنا في تعزيز المنابع الفكرية للإرهاب.