لم تمر السلطة الفلسطينية في تاريخها كله بمرحلة صعبة وامتحان قاس كهذا الذي تمر به بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة. ذلك أن الوقت الذي اختارته إسرائيل أحرج السلطة التي بدأت للتو مرحلة جديدة بعد تسلم محمود عباس القيادة وتغييره للحكومة وطواقم القيادات الأمنية في غزة والضفة.
إنه بالفعل امتحان صعب لا يمكن لأحد أن يتنبأ بنجاح السلطة به أم لا، وربما تكون حادثة اغتيال اللواء موسى عرفات مؤشراً لأزمة أمنية حقيقية وفشل أولي في اجتياز جزء مهم من الامتحان الذي قررته إسرائيل على السلطة الفلسطينية.
الأخبار الواردة من إسرائيل تقول إن وزراء شارون صادقوا على انسحاب الجيش الإسرائيلي من مناطق تمركزه في غزة بمحاذاة الحدود مع مصر حيث تمت عملية نشر القوة المصرية. وقد بدأت القوات المصرية انتشارها على طول الحدود مع غزة حيث تم نشر 200 من حرس حدودها في مواقع على طول حدود غزة على أن يستكمل في الأسابيع القليلة القادمة نشر 500 جندي آخر... هذا الأمر يضع السلطة الفلسطينية في موضع حرج، فإما أن تثبت وجودها وسيطرتها على الأمن، وإما أن تفشل في الامتحان وتعود إلى نقطة الصفر، وتضيع فرصة تاريخية من يدها. وأعتقد أن الأهم في المرحلة القادمة لضمان عدم حصول هذا الأمر هو المصالحة الداخلية بين الفصائل المسلحة في غزة والضفة الغربية وبين السلطة الوطنية الفلسطينية، والاتفاق على آلية لحماية ما تحقق وصون البلاد من خطر قد يحدق بها في حال استمرت الفوضى الأمنية والصراع الأهلي.
ثمة أمر مهم أيضاً للغاية وهو الالتفاف حول شخص الرئيس الفلسطيني محمود عباس كرمز للسيادة والاستقلال عن الاحتلال، وبذلك يصبح الشخص الوحيد المخول بإعطاء الأوامر للشارع الفلسطيني على شتى أطيافه ومشاربه. وهي نقطة ضرورية يجب أن يدرك أهميتها قادة الفصائل الفلسطينية غير المتفقة مع السلطة.
محمد شاهين- سوريا