في مقاله المنشور في "وجهات نظر" يوم أمس الأحد، تحت عنوان "توقعوه من إندونيسيا ففعلته باكستان"، أصاب د. عبدالله المدني مقتلاً بقوله "إن القرار الباكستاني بتطبيع العلاقات مع إسرائيل جاء تلبية للضغوط الأميركية. وهذا ربما كان صحيحاً، إلا أن تلك الضغوط لم تكن بداعي تدشين الاتصالات ما بين إسلام آباد وتل أبيب وإنما بداعي إخراجها من السرية إلى العلن فحسب"... فالكل يعلم أن ثمة اتصالات سرية بالغة الأهمية بين تل أبيب وإسلام أباد، كما أشار الكاتب في متن مقاله، ولكن ما أريد التعليق عليه هو اختيار إسلام أباد للتوقيت السليم للإعلان عن تطبيع العلاقات رسمياً مع إسرائيل دون قيود تذكر. فالتوقيت في صالح باكستان لأن إسرائيل انسحبت من غزة مؤخراً وبدأت مرحلة جديدة من التعامل السياسي والعسكري مع السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية والقطاع، وبهذا فإن الحجة الوحيدة التي كانت توظفها باكستان للدفاع عن موقفها من تطبيع العلاقات مع إسرائيل تحت ضغوط أميركية، هي الاحتلال الإسرائيلي لغزة والضفة الغربية.
هذا أولاً، أما ثانياً فإن تل أبيب تدرك أهمية التطبيع مع إسلام أباد في الوقت الراهن، كما في الزمان الفائت، حيث كانت تمارس ضغوطاً شتى للحصول على هذا الأمر بأي شكل كان، وفي المقابل فإن باكستان ترى مصلحة في تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهو أمر سيتضح قريباً عندما يبدأ الحديث عن اتفاقيات تصنيع عسكري وتبادل خبرات في هذا المجال الذي يهم الطرفين أكثر من أي مجال آخر.
باكستان تعتقد أن الزمن تغير، وهي تتعامل مع العالم كله وفق هذا المنظور الحيوي ولا أحد يلومها في البحث عن مصالحها أياً كانت الوسيلة لذلك، ونحن نعلم أن دولاً كثيرة في العالمين العربي والإسلامي ستطبع علاقاتها مع إسرائيل عما قريب.
رامز شاخور- الأردن