يأتي اتجاه شركة "دانييلى" الإيطالية لإنشاء أكبر مجمع لإنتاج الحديد والصلب بدولة الإمارات بمدينة أبوظبي الصناعية، في إطار توجهات جادة وتحركات متسارعة أكثر من أي وقت مضى لجذب مزيد من الاستثمارات العالمية في المناطق الصناعية بما يسهم في تدعيم وتنويع مشروعات التنمية الاقتصادية وإقامة المصانع الحديثة والمتطورة لمواكبة التطور الحضاري والعمراني والصناعي الذي تشهده الدولة حالياً، وبما يخدم العمل على تنويع مصادر الاقتصاد وتشجيع الاستثمار الصناعي لتعظيم نسبته في الناتج الإجمالي القومي. كما أن خلق قاعدة من الصناعات المتطورة سوف يتيح مساحات كبيرة ومتنوعة من فرص العمل المنتج للمواطنين من خريجي الجامعات وكليات التقنية، الذين يتزايد عددهم باستمرار.
إن توجه أبوظبي نحو إنشاء مجمعات صناعية رئيسية ذات كثافة رأسمالية وتقنية عالية، بالتعاون مع دول صناعة كبرى، يأتي ضمن اعتبار الصناعة أولوية السياسة الاقتصادية لأبوظبي، حيث شهدت السنوات الماضية قيام الأجهزة المعنية بتنفيذ البرامج المتعلقة بالتوسع الكبير في النشاط الصناعي من خلال إقامة العديد من الصناعات المتطورة في مختلف الأنشطة الصناعية، وتمكنت إمارة أبوظبي من وضع قاعدة صلبة لانطلاقة كبرى للإنتاج الصناعي يمكن توسيعها وبالتالي زيادة مساهمة هذا القطاع الحيوي في اقتصاد الإمارة، خاصة وأن الجهات المعنية في الإمارة لديها الرغبة الجادة في مواصلة الدعم وتشجيع هذه القطاعات من خلال إصدار المزيد من القوانين الداعمة والمحفزة للتنمية الصناعية والاهتمام المتزايد بنوعية المنتجات الصناعية.
وفي خضم التغيرات السريعة في العلاقات التجارية الدولية التي فرضت إعادة هيكلة العديد من القطاعات الاقتصادية، وبالأخص قطاع الصناعات التحويلية في مختلف بلدان العالم، من خلال تمركز هذه الصناعات حول المزايا النسبية التي تتمتع بها كل دولة على حدة، باعتبار ذلك خط الدفاع الأول في وجه منافسة عالمية مرتقبة على كل الجبهات، فإن قطاع الصناعة التحويلية في أبوظبي يجب أن يتمحور حول قطاعي النفط الخام والغاز كأساس للتصنيع، من خلال سياسة اقتصادية قائمة على تصنيع هذين الموردين، وإنشاء صناعات بتروكيميائية ونفطية جديدة والتوسع في القائم منها بحيث يمكن تصديرها للخارج كمنتجات صناعية. ومثلما حدث من تغير هيكلي في صناعة الملابس الجاهزة هيمنت بموجبه الصين والبلدان الآسيوية على هذه الصناعة في العالم بفضل الأيدي العاملة الرخيصة التي منحتها أفضليات نسبية في هذه الصناعة، فإن أبوظبي تتمتع بأفضليات مشابهة في صناعة البتروكيماويات والمنتجات النفطية وتلك المعتمدة على الطاقة، وذلك بفضل وجود المواد الأولية الرخيصة اللازمة لتصنيع هذه المنتجات وتوفر الاستثمارات الكبيرة اللازمة لتطوير هذا القطاع الصناعي المهم، يقابله تراجع كبير لصناعات البتروكيماويات في موطنها الأصلي في الدول الغربية، وذلك بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وشح توفر المواد الأولية هناك. كما تتمتع أبوظبي بأفضليات إنتاجية وتسويقية مشابهة في صناعات أخرى متعددة مثل تلك المتعلقة بقطاعات التشييد والبناء والسياحة والصحة، وهي مقبلة على آفاق توسعية كبيرة خلال المرحلة المقبلة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية