Human Right Quarterly
"بريمر" والقضاء العراقي
قضية احترام حقوق الإنسان بكافة أبعادها عادة ما تكون المحور الرئيس لدورية Human Right Quarterly التي تصدر كل ثلاثة شهور عن جامعة "جون هوبكنز" الأميركية. وعن التغيرات القضائية في العراق بعد احتلاله، كتب "إيرك ستوفر" وهاني مجالي وهنية مفتي، مقالاً أوضحوا خلاله أنه بعد الغزو الأميركي للعراق، قام السفير الأميركي "بول بريمر"، بصفته رئيساً لسلطة التحالف الانتقالية في بلاد الرافدين، بتقديم آليات قضائية انتقالية، ليرسي من خلالها أطراً للبت في جرائم الماضي، التي يتعين على العراقيين حسمها في السنوات المقبلة.
وقبل قيام "بريمر" بطرح هذه الآليات القضائية الجديدة، استشار مجموعة من عراقيي المهجر، سواء ممن عادوا إلى العراق أو الذين ظلوا خارجه، وعلى الرغم من ذلك فشل السفير الأميركي في استقصاء آراء كافة العراقيين، وفشل أيضاً في استشارة جهات حكومية وغير حكومية في العراق، وهي جهات كان بمقدورها منح "بريمر" ما يمكن تسميته "دروسا مستفادة" يمكن تطبيقها في القضاء العراقي، وفشل "بريمر" أيضاً في الحصول على خبرة بلدان أخرى مرت بالتجربة ذاتها، والنتيجة أن كثيراً من الآليات القضائية التي وضعها "بريمر"، إما أنها فشلت أو أدت إلى نتائج عكسية.
وتحت عنوان "ما وراء كوانغجو: التصالح مع فظاعات الماضي في كوريا الجنوبية"، كتب الباحث الكوري "إن سوب هان" مقالاً أشار خلاله إلى أن الانقلاب العسكري الذي شهدته كوريا الجنوبية في مايو عام 1980، تعرض خلاله مواطنو مدينة "كوانغجو" لمجزرة. لكن بعد أن نجحت كوريا في تحقيق تحول ديمقراطي، تم فضح صنوف عدة من انتهاكات حقوق الإنسان، التي ارتكبت إبان الانقلاب، وتم بالفعل رفع هذه المسألة إلى الحكومة الكورية، وكان السؤال المطروح آنذاك: كيف يمكن التعامل مع حادثة "كوانغجو"؟ وقامت شخصيات بارزة في كوريا الجنوبية، ضمت رئيسين سابقين أبإدانة المجزرة. لكن محامي الضحايا واجهوا تساؤلات صعبة منها: كيف يمكن مقاضاة أعضاء الانقلاب الذي تمكنوا من السيطرة على الحكم؟ وهل يمكن تطبيق عقوبات على الانقلابيين بأثر رجعي؟ ومن الذي يتحمل المسؤولية عن المجزرة؟ وبعد نضال خاضه الكوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تم الإعلان عن مبادئ أساسية لعلاج الآلام التي خلفتها مجزرة ""كوانغجو" هي: العدالة والحقيقة والتعويض، وإحياء ذكرى المأساة، وجميعها مبادئ يمكن تطبيقها عند التعامل مع فظاعات أخرى يقوم أي نظام مستبد بارتكابها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"المستقبل العربي": الآخر وإصلاح الذات
ضم العدد الأخير من مجلة "المستقبل العربي" دراسة لمصطفى الفيلالي عنوانها "نحن والآخر"، وفيها يناقش مظاهر العلاقة الجدلية بين الأنا والآخر ويوضح أنه رغم الآفاق التي يتيحها تقدم التقنيات في العقود الأخيرة بما أدى إلى إطلاق نعت "القرية الكونية" على المجتمع المعاصر، فإن هذا المجتمع عرف ما لم يعرفه عصر آخر من عوامل التباعد والتجزئة والتفرقة بمراجعها الكبرى؛ الدينية والثقافية والعرقية والاقتصادية. وقد حل حجاب بين الأنا والآخر وناب عن الإدراك المباشر إدراك بواسطة الصورة؛ فعاد المجتمع الإسلامي مثلاً، منظوراً إليه اليوم بأوصاف التشخيص الموروث، مجتمع الآخر العدو، كما يتواصل التدخل المباشر من قبل الأمم القوية في شؤون المجتمعات المستضعفة حتى أصبح هذا التدخل حقاً مشروعاً في القوانين والأعراف الدولية، وغطت شفافية الواقع الاجتماعي حجب الاختلاف الأيديولوجي، وجفت دلالات الذات الإنسانية بفعل عوامل التسطيح الوظيفي. إلا أنه كما يرى الكاتب، تظل ثقافة الائتلاف تعلو على كل الجدران العازلة، مبررة معقولية الاختلاف، ومطهرة المغايرة من عدمية الفناء وموت الثقافة وثقافة الموت.
وفي دراسة عن "أسئلة الإصلاح الوطني الديمقراطي العربي"، يوضح طيب تيزيني أبعاد الحوار الدائر حول المصير العربي منطلقا من الحالة السورية كنموذج، وناظرا في لهجة الحوار التي يتضح منها تشكيك مكثف في إمكانية الإصلاح العربي. وهكذا بدا وكأن التاريخ العربي صار إلى نهايته، حيث ظهرت جموع من المشككين في جدوى التاريخ والحضور العربيين، وجموع من المحبطين بسبب سياسات الفقر والإذلال والتهميش التي مورست على الشعوب العربية. ويرى الكاتب أن ذلك الموقف يجد ما يعززه ويغذيه في ممارسات المشروع الأميركي، لذلك فقد تقلص الزمن التاريخي بحدود غير مسبوقة على يد "النظام العالمي الجديد"، بحيث إن ما يتعين على العرب أن ينجزوه من الاستحقاقات المعلنة وغير المعلنة، لابد أن ينجزوه الآن!
وتحت عنوان: "مطلب الديمقراطية وحقوق الإنسان وتنمية المجتمع المدني في أقطار مج