في معظم حوادث الطائرات المروعة, عادة ما تسمع رسالة قصيرة مرسلة من كابتن الطائرة يقول فيها "أعاني من مشكلة في المحركات" وبعدها لا تمر فترة طويلة حتى تبدأ الطائرة رحلة السقوط عمودياً أو أفقياً, فتتحطم على نحو مريع, وتستحيل فجأة إلى كتلة حمراء من اللهب. ولكن إلى متى سيستمر هذا الحال في عالم الواقع وحده؟ للإجابة على هذا السؤال, أنشئ مركز مختص بمحاكاة الطيران وفنونه وحوادثه, هو مركز "فلايت لاين" بمدينة إرفين, الواقعة على بعد 45 ميلاً جنوب شرقي لوس أنجلوس. ويحيط بهذا المركز متنزه صناعي يتجمع فيه محبو الطائرات العسكرية, لإطلاق طائرات صناعية صممت خصيصاً لمحاكاة شكل وكفاءة الطائرات المقاتلة. يذكر أن التصميم قد راعى دقة طائرات F-15 الحربية, إلى جانب أنواع أخرى عديدة من المقاتلات الجوية, مع تزويد المتنزه ببرج للمراقبة, صمم هو الآخر بغرض إدارة البيانات والمعلومات, إلى جانب تنظيم وتذليل عملية الاتصال بين البرج والطائرات المحلقة في الجو. وعلى الرغم من ندرة مراكز المحاكاة هذه على الصعيد الشعبي العام –خارج نطاق المؤسسة العسكرية- إلا أن توفر هذا المركز, لابد سيكسب الجمهور وعياً واهتماماً بهذا الوجه من النشاط القتالي الحربي. يضاف إلى ذلك أن مثل هذه التجربة توفر بعداً على درجة كبيرة من الإثارة بالنسبة لأولئك الهواة الذين يعتقدون أن محاكاة الطيران من خلال لوحة مفاتيح وشاشة كمبيوتر شخصي, ليست بالواقعية بما يكفي لإقناعهم.
ثم إن تكلفة الجلسة الواحدة من جلسات محاكاة الطيران هذه, تبلغ نحو 40 دولاراً, بما في ذلك المعلومات الموجزة التي تقدم قبل الشروع بمغامرة الطيران. كما تتضمن المدة توجيه سؤال واحد والإجابة عليه, علاوة على الخمس وثلاثين دقيقة المخصصة للمحاكاة الفعلية للطيران. أما بالنسبة للزوار المتكررين لهذه الألعاب, فإن في وسعهم تجاوز هذه التمهيدات الأولية, والشروع مباشرة في المحاكاة لمدة ساعة تقريباً, وبالتكلفة المذكورة أعلاه. لكن وعلى الرغم من روعة وإثارة تجربة محاكاة الطيران بحد ذاتها, إلا أن برامج التشغيل المستخدمة فيها ليست بذلك التطور الذي يليق بهذه الهواية النامية. ذلك أن البرامج المستخدمة في "فلايت لاين" هي برامج تجارية مقلدة من برامج المحاكاة المستخدمة في "القوات الجوية الأميركية". غير أن اتفاق الطيران المبرم مع "فلايت لاين" يعطيه حق إجراء تعديل على البرمجة, فضلاً عن تحديث خصائص الطيران الخاصة بكل طائرة من الطائرات, بحيث تكون هذه الخصائص أكثر واقعية وتشويقاً وإثارة, لجمهور الهواة والمستخدمين لبرمجيات المحاكاة هذه. هذا إضافة إلى أن غالبية المشرفين على تشغيل هذه البرمجيات في "فلايت لاين" هم مؤسسون سابقون لشركة "فايترتاون" الواقعة على مقربة من بحيرة "فوريست". والمعلوم أن مدينة الطيران هذه, قد منحت جمهور هواة الطيران في كاليفورنيا الجنوبية, أول متعة إثارة محاكاة طيران حقيقية في عام 1992. وبفضل تلك التجربة الرائدة, تطورت تكنولوجيا المحاكاة كثيراً, وأصبحت برامج المحاكاة أكثر قوة واقتصادية. ذلك هو ما أعلنه السيد كورتيس بلات الذي افتتح "فلايت لاين" منذ نحو خمسة أعوام. وأوضح كورتيس أنه ولدى افتتاح مدينة الطيران المذكورة آنفاً, فقد كان على منظميها أن يطوروا البطاقات الخاصة بالمحاكاة, بتكلفة 15 ألف دولار للبطاقة الواحدة. أما اليوم, وبفضل التقدم الهائل الذي طرأ على هذه التكنولوجيا, فقد أصبح ممكناً للجمهور الحصول على البطاقة ذاتها بسعر خمسة دولارات أميركية فحسب!
وفي "فلايت لاين" أصبح في وسع جمهور الهواة, الاختيار بين مجموعات واسعة ومتنوعة من طائرات F/A-18 النفاثة, أو الطائرات الحربية التي قاتلت في الحرب العالمية الثانية, مثل طائرة P-51 مستاج. وفي كلتا الحالتين, فقد صممت أجهزة المحاكاة في شكل نصف بيضة, زودت ببرنامج تشغيلي وضع في المنحنى الداخلي لقشرة البيضة, بحيث يمكن المستخدم من مجال رؤية, يصل إلى 180 درجة تقريباً. يشار إلى أن "فلايت لاين" يجتذب قطاعاً واسعاً من جمهور الهواة, يدفع كل واحد منهم 45 دولاراً عن الساعة الواحدة. كما يعمل "فلايت لاين" على توسيع نشاطه الاستثماري في المجال, وتمديده إلى دائرة قطاعات أعرض من الجمهور, وذلك بواسطة إقامة حفلات أعياد الميلاد, واحتفالات التخريج في المدارس والكليات, إلى جانب إقامة شتى المناسبات التي تقيمها الشركات ومرافق العمل المختلفة, مثل تلك التي تقام لشركتي "تاكو" و"متورولا".
عن ذلك صرح السيد شافمان ممثل مركز "فلايت لاين" بقوله: إننا ندعو الشركات ومؤسسات العمل إلى الانضمام إلى المتعة والإثارة التي نقدمها لهم, كي يشعر العاملون فيها بتغيير جديد في حياتهم الشخصية والمهنية. من ذلك أننا أوكلنا وظيفة كابتن الطائرة لأحد كبار المسؤولين والإداريين, في حين عينا مساعدين له, عدداً من أفراد طاقم الشركة الذين يشغلون مختلف المهن, بما فيها الوظائف الصغيرة, والمهام الكتابية والمحاسبية وخلافها. ولتحقيق المزيد من الإثار