بمناسبة الذكرى الستين لإنشاء الأمم المتحدة، عقدت في نيويورك في الأسبوع الماضي قمة العالم بحضور 170 رئيساً، لمناقشة الوثيقة النهائية التي تم التوصل إليها بعد جدل حاد دام ثلاثة أسابيع بين الدول المشاركة، وأخيراً تم إقرار الوثيقة الختامية لقمة الأمم المتحدة بدون إحراز إصلاحات واسعة.
فعلى رغم الخلافات الكثيرة، فإن المجتمع الدولي توصل إلى حلول توفيقية حول نقاط الاختلاف، وهي تتعلق بقضايا الإرهاب، حيث تمت إدانة الإرهاب بكل أنواعه خصوصاً قتل المدنيين. الدول العربية حاولت استثناء حركات المقاومة لكن محاولتها باءت بالفشل. قضية التنمية تعتبر أكبر انجاز للقمة. نقطة الخلاف الوحيدة جاءت من الولايات المتحدة حيث رفضت تسمية أهداف التنمية، وتم الاتفاق أخيراً على وضع استراتيجيات وطنية للتنمية لتخفيض الفقر. أما بشأن حقوق الإنسان، فتم الاتفاق على تشكيل مجلس جديد للحفاظ على حقوق الإنسان في الدول الأعضاء واستبدال لجنة الأمم المتحدة. الدول الغربية أيدت المشروع لكن روسيا ودول العالم الثالث رفضته، لتخوفها من السيطرة الأميركية في الصياغة النهائية، لذلك تم إرجاء الموضوع وإجراء مفاوضات أكثر بين الدول الأعضاء.
نقطة الخلاف الرئيسية تمحورت حول انتشار الأسلحة، حيث أيدت القرار المملكة المتحدة، ولكن الولايات المتحدة اعترضت لأنه يقيد حركتها، لذلك لم يتم بت الأمر. أما الاقتراح الخاص بإصلاح مجلس الأمن الدولي وتوسيع عضويته ليشمل دولاً جديدة، فإن الولايات المتحدة اعترضت عليه، وأكدت أن الوقت غير مناسب للتغيير.
واضح جداً أن محاولات دول العالم الثالث ومعها روسيا والصين، قد فشلت في إجراء التغييرات المطلوبة في قمة العالم، رغم حقيقة أن هذه الدول تشكل الأغلبية في الجمعية العامة للأمم المتحدة. لكن القوة الفعلية بيد مجلس الأمن الدولي الذي يتكون من الدول العظمى التي تملك حق النقض ومعها بعض دول العالم الثالث. قوة الولايات المتحدة وهيمنتها على الأمم المتحدة تعود إلى قوتها الاقتصادية، فالولايات المتحدة لوحدها تدفع ما نسبته 25% من ميزانية الأمم المتحدة، لذلك تملك حق النقض والاعتراض على كل مطالب دول العالم الثالث التي لا تخدم مصالحها.
العرب ومعهم الدول الإسلامية وبعض الدول الآسيوية والأفريقية، فشلوا في قمة العالم في تثبيت حق مقاومة الاحتلال الأجنبي، كما فشلت دول العالم الثالث في الحصول على شروط أفضل للاتفاقيات التجارية الدولية.
ما هي القضايا التي طرحتها قمة العالم والتي تخص دول الخليج العربية؟ بالتأكيد كل القضايا التي طرحت تهم دول الخليج، لأننا جزء لا يتجزأ من العالم المعاصر، لكن هناك قضية تهم دول الخليج أكثر من غيرها، ويمكن الاستفادة من خبرة الأمم المتحدة في هذا المجال. القضية الأولى، تتعلق بقضايا حقوق الإنسان، حيث إن هنالك محاولات خليجية لإنشاء جمعيات أو مؤسسات حكومية تهتم بحقوق الإنسان، وهذا يتنافى مع المتطلبات الدولية المعمول بها، وهي أن تكون جمعيات حقوق الإنسان جمعيات أهلية نابعة من مؤسسات المجتمع المدني في كل دولة، لذلك على الحكومات عدم التدخل في أعمال هذه اللجان الخاصة بحقوق الإنسان لضمان الحيادية وعدم الانحياز للحكومة، والشفافية وتحقيق العدالة.
بعض دول الخليج سارعت بإنشاء لجان حكومية خاصة بحقوق الإنسان، وسوف تواجه مشكلة مع الأمم المتحدة حول هذا الموضوع، ومع مؤسسات حقوق الإنسان العالمية، لأنه لا أحد يعترف بالمؤسسات الحكومية الخاصة بحقوق الإنسان.
الإشكالية الثانية تتعلق بقضايا التنمية والقضاء على الفقر. دول الخليج العربية، مستوى دخل الفرد فيها مرتفع. ارتفاع مستوى الدخل لا يعني أننا دول غير متخلفة وليست فقيرة.
لا تسمح المساحة هنا لاستعراض الأرقام الخاصة بالتنمية البشرية في دولنا، لكن المهم الاستفادة من ارتفاع أسعار النفط الحالية والتركيز أكثر على بناء الإنسان الخليجي والاهتمام بالمشاريع الإنتاجية.