انسحبت إسرائيل من غزة وأعادت القطاع لأصحابه في حالة يرثى لها ووفق شروط ظالمة، ومازال أمامها الكثير من الحقوق التي يتعين ان تعيدها للفلسطينيين، ومع ذلك تاجرت بهذه الخطوة في الأمم المتحدة، بدهاء يفوق مكر التجار في الأسواق·
لقد تكبد الفلسطينيون ومازالوا الكثير من أجل ان تنسحب اسرائيل من كامل اراضيهم ودفعوا الغالي والرخيص فيما أخذت اسرائيل تتعنت وتقتل وتتجبر وتمارس ضدهم أبشع وسائل القمع والقهر على مرأى ومسمع من الجميع طوال سنوات·
وبعد مماطلة وتلكؤ ومساومات لا تنتهي خرجت من غزة وفق شروط قهرية، لكن ها هو رئيس الوزراء ارييل شارون ووزير خارجيته سيلفان شالوم يتصرفان في أروقة الأمم المتحدة كما لو كانا دعاة سلام·
لقد استغلت الحكومة الاسرائيلية اجتماعات القمة العالمية بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس الأمم المتحدة بصورة رخيصة، وروجت للانسحاب كما لو انه الحل النهائي للقضية الفلسطينية، وأخذ شارون وشالوم يتحدثان بصريح العبارة عن ان القضية انتهت عند هذا الحد وان الكرة الآن في ملعب الفلسطينيين وان عليهم ان يحسنوا التصرف ويثبتوا انهم دعاة سلام·
وصدقت بعض الدول الكبرى على هذا الطرح وتعاملت مع شارون كرجل سلام واعتبرت معه ان الكرة حاليا في الملعب الفلسطيني، كأن القضية برمتها انتهت وعادت للفلسطينيين كامل اراضيهم وقامت لهم دولتهم·
ان الأسوأ من التعنت والتعسف الاسرائيليين ضد الفلسطينيين هو تسويق الانسحاب من غزة على هذا النحو باعتباره غاية المنى، والالحاح على انه لابد من فتح صفحة جديدة بين اسرائيل والمجتمع الدولي باعتبارها قدمت ما عليها في حين ان الملف مازال مفتوحا، وامام اسرائيل الكثير مما يتعين عليها ان تقوم به تجاه الفلسطينيين·
فمازال هناك الضفة الغربية التي تريد اسرائيل قضمها صراحة او ضمنيا بمزيد من الاستيطان على اراضيها فضلا عن القدس المحتلة بالاضافة الى حق العودة للاجئين·
وتلك قضايا معلقة يتعين على العالم بأسره الضغط على اسرائيل من أجل تسويتها ومعالجتها وفقا للقرارات الدولية والتغاضي عنها يلحق أشد الضرر بالفلسطينيين وبحقوقهم·