خلافا للصورة الوردية التي رسمها أنصار غزو العراق من أبنائه قبل عامين ونصف عام من الآن، وصوروا من خلالها سيناريو نقله إلى جنة أرضية تتجاوز بؤس المرحلة الصدامية وتعيد إنتاج النموذج الياباني في الرفاه الاقتصادي والتقدم التقني والمشاركة السياسية الحرة... ها هو العراق اليوم يقدم نماذج يتعذر أن تدخل البهجة إلى قلوب أهل العراق وقلوب أشقائه وأصدقائه الحقيقيين! وإذا ما تركنا جانبا عملية التجاذب السياسي الجارية هناك الآن، وتركنا أيضا مناخ الاقتتال الداخلي بين مؤيد للاحتلال ومناوئ له، فإن عراق ما بعد صدام حسين بات من وجهة نظر البعض ساحة موبوءة بالفساد المالي! وحتى الآن قامت الصحافة الغربية بنشر العديد من الفضائح المالية مما حدث في أروقة الحكومة المؤقتة السابقة برئاسة إياد علاوي ثم وريثتها الحالية. وحيث تفاعلت فضيحة العقود الخيالية التي أبرمها الحاكم الأميركي السابق بول بريمر لصالح شركات أميركية، ثم تبعتها فضيحة 7 مليارات دولار من عائدات النفط العراقي لم يعلم أحد إلى الآن مصيرها، تأتي الآن فضيحة اختفاء مبلغ مليار دولار من ميزانية وزارة الدفاع، نسبت المسؤولية عنه لأحد قادة المعارضة السابقة العائدين مع الاحتلال، فيما لم تتوقف جهات أميركية وعراقية عن تقاذف المسؤولية في اختلاسات كبرى وقضايا فساد من الحجم الكبير وقعت خلال العامين الماضيين !
وإذا كانت التحقيقات الأميركية حول عائدات برنامج النفط مقابل الغذاء، تتهم النظام السابق باختلاس أقل من مليار دولار خلال تسع سنوات هي عمر البرنامج، فقد اختفت من أموال العراق خلال عهد حكامه الجدد نحو 16 مليار دولار في فترة لا تصل ثمانية عشر شهرا!
منتصر بركات- الكوفة