تشكلت في الأيام الأخيرة أول حكومة وحدة قومية في تاريخ السودان وشارك فيها معظم فرقاء الساحة السودانية، بما في ذلك حزب المؤتمر القومي الحاكم، والحركة الشعبية لتحرير السودان، والحزب الاتحادي الديمقراطي بزعامة محمد عثمان الميرغني رئيس التجمع الديمقراطي المعارض، وفصيل من حزب الأمة، لتكون الحكومة الجديدة فاتحة الأمل في سودان مستقر ومتعايش وموحد.
بيد أن الإفراط في التفاؤل قد يكون ثمنه خيبة كبرى، ومن ثم يجب أن ننتبه إلى أن الحكومة الجديدة لا تمثل غير خطوة صغيرة جدا على طريق طويل، وأن ما ينتظرنا في المرحلة القادمة أعظم مشقة وأغلى كلفة وأدعى إلى التضحية والتنازل من كل ما أنجزناه حتى الآن، وبما لا يقاس! فهناك قوى سياسية كبرى غير ممثلة فعلا، مثل "حزب الأمة- جناح الصادق المهدي" وقوى "التجمع الديمقراطي" المعارض، وحزب "المؤتمر الشعبي" بقيادة الدكتور حسن الترابي، فيما أعلن الحزب الاتحادي الديمقراطي رفضه لنصيبه من الحكومة متمثلا في حقيبتين وزاريتين فقط!
وفي شرق البلاد هناك وضع عسكري وأمني متوتر، كما هو الأمر في جبال النوبة، وفي منطقة الجنوب توجد شكوك حول مستقبل الترتيبات العسكرية التي أقرتها اتفاقية السلام، بل إن قيادة الحركة الشعبية أظهرت امتعاضا واضحا من قسمة الحقائب الوزارية الأخيرة. أما في الغرب حيث تتشابك عقد الصراع في دارفور، فإن حركات التمرد هناك لازالت تجد من الأسباب ما يشجعها على الاستمرار في إشهار السلاح ضد الحكومة المركزية حتى ولو كانت حكومة تحالف وطني عريض! فأين الوفاق الوطني السوداني إذن؟
محمد الحسن- السعودية