فجأة أعادت اسرائيل الأراضي الفلسطينية التي انسحبت منها قبل نحو أسبوعين الى ساحة للحرب والقتل والتدمير، في تصعيد خطير لأجواء التوتر في قطاع غزة· إن التسخين الاسرائيلي المباغت للجبهة الفلسطينية يثير الدهشة وتساؤلات كثيرة بشأن أسبابه وأهدافه·
وقد يرجح البعض احتمال سعي ارييل شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي للعب بهذه الورقة الخطيرة في سياق صراعه مع بنيامين نتينياهو في انتخابات ليكود المقبلة·
وربما كان شارون يريد بهذا التصعيد الخطير مغازلة اليمين الاسرائيلي الذي فقد بعضه في غمرة الانسحاب من غزة وتفكيك المستوطنات والمواجهات المسرحية بين قوات الشرطة والمستوطنين·
وبمثل هذا العنف وتلك الشراسة التي اتسمت بها التحركات الاسرائيلية في غضون الساعات الماضية ربما كانت تلك التحركات استعراض قوة يغازل به شارون اولئك الذين يحتاجهم·
وقد يكون الغرض من الغارات والتفجيرات والاغتيالات التي نالت من عناصر حماس والجهاد الاسلامي، محاولة لالحاق أكبر الضرر بتلك الفصائل الفلسطينية قبل الانتخابات الفلسطينية القادمة التي تريد اسرائيل إجراءها بدون مشاركة حماس على وجه التحديد·
وبالتالي يمكن النظر الى تلك العمليات الاسرائيلية باعتبارها ضغطا مباشرا وشرسا على السلطة الفلسطينية للقيام بتحرك جدي في هذا الاتجاه· والحقيقة انه في مجال البحث عن مبررات وأسباب هذه الجرائم لا يمكن استبعاد رغبة اسرائيل الجامحة في إفساد فرحة الفلسطينيين بالانسحاب وإرباك حساباتهم وإثارة حالة من الفوضى تختلط فيها الاوراق·
والأرجح في كل الاحوال أن اسرائيل تريد أن تتهرب مما هو مطلوب منها في اطار عملية سلام شامل ودائم يريده الفلسطينيون من أجل دولة مستقلة·
يعني ذلك أن العودة مرة اخرى الى أجواء المواجهات فيها الكثير مما يحقق مصالح شارون واسرائيل على الأقل في هذه المرحلة بعدما نجح شارون ووزير خارجيته سيلفان شالوم في تسويق الانسحاب من غزة بأقصى درجة ممكنة خلال قمة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك قبل أيام قليلة·
لكن أيا ما كانت الدوافع والاسباب لما يجري الآن ضد الفلسطينيين فإن اسرائيل ترتكب حماقة جديدة تزيد حدة التوتر في المنطقة وهو ما قد يستغله بعض الارهابيين لتبرير وتسويغ ما يرتكبونه من جرائم·
ومن ثم لا يصح أبدا ترك الأمر رهينة لحسابات شارون وأطماعه الصغيرة· والواجب ان يتحرك المجتمع الدولي واللجنة الرباعية القائمة على خريطة الطريق لوقف هذا التصعيد·