الاستهزاء الإسرائيلي بالأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن الذي يمثل الشرعية الدولية، واعتبارها قرارات بلا أسنان ، لا يمثل جديدا في نهج التعامل الاسرائيلي مع المنظمة الدولية التي يدين لها الكيان الصهيوني بفضل الوجود، بعد قرار التقسيم الشهير الصادر عام ،1947 بإقامة دولتين فلسطينية ويهودية على أرض فلسطين·
وفيما عدا هذا القرار الذي سارعت عصابات تل أبيب بقبوله، واعتمدته الكثير من الدول قاعدة قانونية للاعتراف بها، فقد أصبح الرفض والاحتقار والتجاهل قاعدة أساسية للتعامل الاسرائيلي مع عشرات القرارات التي أصدرها مجلس الأمن سواء تلك التي تتعلق باللاجئين وأشهرها (القرار 194)، أو ما يتصل بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، أو ما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي المتواصل ضد الفلسطينيين وما تضمنه من مجازر ومذابح لم تجد الإدانة الدولية في منع تكرارها واستمرارها على مدار الساعة·
وفي هذا الإطار تأتي الاتهامات الإسرائيلية المتكررة للأمم المتحدة بالنفاق في التعامل مع الصراع العربي - الإسرائيلي، وبأنها أصبحت منبرا لأعدائها، في مغالطة مفضوحة تماما لواقع يؤكد ان المنظمة التي عاقبت عبر مجلس الأمن دولاً عدة معظمها عربية وإسلامية بزعم رفضها الانصياع لقرار أصدرته، لم تجرؤ حتى الآن على اتخاذ موقف قوي يجبر الكيان الصهيوني على الرضوخ لواحد فقط من عشرات القرارات التي أصدرتها بحقه·· ذلك الواقع المر الذي يؤكد ان اسرائيل وحدها كانت وراء الاتهام الذي التصق إلى الأبد بهذه المنظمة الدولية بازدواجية المعايير والكيل بمكيالين، وانها اصبحت مسخرة لخدمة مصالح القوى الكبرى والمتحالفين معها فقط·
إن فشل الأمم المتحدة في توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، والاكتفاء بموقف المتفرج ازاء ما يرتكب ضده من جرائم، والاستغراق في المساومات اللفظية والشكلية حول مشروعات قرارات لا تسمن ولا تغني من جوع، لهو دليل جديد على مدى العجز الذي أصابها، وعلى مدى الارتهان الذي وقعت فيه بمؤسساتها وهيئاتها وقراراتها·
وهي رغم ذلك كله مازالت تلقى الهجوم والانتقاد وتتلقى التهديدات لمجرد تجروئها على التفكير في مجرد إدانة العدوان·· فهل آن أوان إصلاح المنظمة الدولية لتكون بحق ممثلة لمصالح الجميع، لا لمصلحة قوى دون أخرى؟